ذوو الإحتياجات الخاصة في يومهم العالمي ..منحة ضئيلة وحجر صحي فاقم من وضعيتهم 

ذوو الإحتياجات الخاصة في يومهم العالمي ..منحة ضئيلة وحجر صحي فاقم من وضعيتهم 

تحيي الجزائر، اليوم، على غرار باقي دول العالم، اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، في ظل ظرف صحي ألقى بظلاله على جميع مناحي المجتمع، وأثر على جميع الأشخاص، لاسيما من ذوي الإحتياجات الخاصة الذين تأثرت يومياتهم بشكل مضاعف  من الجائحة التي أدخلت البلد في حجر صحي أتعب الجميع.

إهمال وتعنيف الأبناء المعاقين ذهنيا خلال الحجر الصحي

اعترفت بعض الأمهات بأن مسؤولية التكفل بأبنائهن من المعاقين ذهنيا ورعايتهم و متابعتهم على مدار 24 ساعة يوميا بين أربعة جدران، إلى جانب مهامهن الأخرى كربات بيوت، أثقلت كاهلهن، ولم تخف بعضهن بأنهن تحت وطأة القلق والتوتر وكل المشاعر السلبية التي تهيمن عليهن في ظل الحجر الصحي والخوف من عدوى كوفيد 19 جعلت أعصابهن تفلت منهن أكثر من أي وقت مضى، فيعنفن أبناءهن المصابين بإعاقة عقلية، ويلجأن أحيانا إلى ربطهم في مقعد أو سرير أو تكبيل أيديهم، لمنعهم من إيذاء أنفسهم أو غيرهم وتكسير الأواني والأثاث أو مغادرة البيت.

وقالت بعض من تحدثن إليهن إن الغلق المبكر لدور الحضانة والأقسام المدمجة و المراكز النفسية البيداغوجية وتعليق الجمعيات لنشاطاتها، وغلق الغالبية العظمى من العيادات الطبية، أدى إلى تفاقم الوضع ومضاعفة معاناة أبنائهن ومعاناتهن بين أربعة جدران.

وعبرت أمهات الأطفال المتخلفين ذهنيا عن استيائهن كون مختلف المواقع ومنصات التواصل الاجتماعي والقنوات التليفزيونية، في فترة الغلق الكلي وتوقف الدراسة كانت   تهتم بالأطفال “الأصحاء” وتقدم إرشادات وتوجيهات لأوليائهم لمساعدتهم على الدراسة والمراجعة واستثمار أوقات الفراغ في ممارسة  نشاطات وألعاب ترفيهية مفيدة، في حين تبقى شريحة ذوي الصعوبات أو الاحتياجات الخاصة مهمشة، منسية، و تزايدت كل يوم معاناتها ومعاناة ذويها، خاصة الأمهات.

أمهات يواجهن إعاقة أبنائهن بالعنف

تحدثت “أ. م” وهي أم لثلاثة أبناء، يعاني أصغرهم من متلازمة داون، وكان يتم التكفل به من قبل مختصين بالمركز النفسي البيداغوجي، ويعود إلى البيت كل يوم بمعنويات مرتفعة، على حد قولها، لكن عندما تم غلق المركز في إطار إجراءات الحجر الصحي، تغيرت يوميات الصغير ووجد نفسه بين أربعة جدران في شقة ضيقة، لا يستطيع الخروج للعب مع شقيقه ولا مرافقة والدته إلى السوق أو والده للتنزه كالعادة، خشية عدوى كورونا..

وأضافت المتحدثة بأن ابنها يقضي جل وقته في مشاهدة التليفزيون أو اللعب، لكنه  يصاب بنوبات انفعالية متكررة، أكثر من أي وقت مضى، ويصبح عدوانيا، يصرخ و يبكي ويضرب كل من يقترب منه، ما جعلها عندما تفشل في تهدئته تضطر لربطه في سريره، وهي تبكي، حتى يعود والده، مضيفة بأنها تشعر بتأنيب الضمير، لكنها مضطرة لذلك، على حد قولها.

أما السيدة راضية، 55 عاما، فقالت إن ابنيها، 15 و 13 عاما على التوالي، معاقان عقليا وقد تشاجرا مؤخرا وكاد، على حد قولها، أحدهما أن يقتل الآخر، لولا تدخلها هي وأختهما الكبرى، مؤكدة أنها تعاني من عدة أمراض مزمنة ومن انهيار عصبي شديد، و لم تعد تستطيع التكفل بهما، خاصة وأنهما عاجزان عن أبسط الأمور كالأكل والشرب و النظافة، وتنتباهما نوبات انفعال وعنف، فيضربان بعضهما وكل من حولهما، مشيرة إلى أن كل المراكز التي قصدتها رفضت التكفل بهما، ما جعلها تعيش في جحيم حقيقي، تضاعف مع ظروف الحجر وغلق عيادة طبيبهما المعالج وتدهور حالتها الصحية و العصبية، حسبها.

المِنحة..  المحنة التي لا تمر المناسبة دون الحديث عنها

ذوو الاحتياجات الخاصة وحقوقيون يطالبون بإعادة النظر فيها

ما تزال منحة عشرة آلاف دينار تثير تساؤل المنظمات الحقوقية وجمعيات المجتمع المدني، باعتبارها تمس فقط  فئة المعاقين بنسبة 100 بالمائة، وهو ما اعتبروه خرقا للاتفاقية الدولية المتعلقة بحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي صادقت عليها الجزائر في 12 ماي2009، وما يترتب عنها من التزامات، وعليه طالبوا الحكومة بإعادة النظر في القرار مع رفع المنحة وفق الأجر الوطني الأدنى المضمون.

إذ لا يزال العديد من المعاقين يتقاضون منحة شهرية 4000 دينار، لا يمكنها أن تصمد أمام المتطلبات الصحية للمعاق من جهة، وغلاء المعيشة من جهة أخرى .

قسنطيني: “أغلب معاقي الجزائر متسولون وبحاجة إلى إعانات من الدولة”

دعا الرئيس السابق للهيئة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، الحكومة إلى ضرورة إعادة النظر في منحة ذوي الاحتياجات الخاصة ورفعها وفق الأجر الوطني الأدنى المضمون، مع إلزامية منحها لجميع الفئات دون التمييز بينهم على أساس نوع الإعاقة، وفقا للإتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي صادقت عليها الجزائر في 12 ماي2009، ما يترتب عنها التزامات مع هذه الشريحة لضمان حقوقها.

عتيقة معمري: “منحة 10 آلاف غير كافية لتغطية مصاريف النقل فما بالك بالعلاج”

أجمعت فدراليات وجمعيات المجتمع المدني المهتمة بشؤون وانشغالات فئة ذوي الاحتياجات الخاصة على أن منحة المعاق المقدرة بعشرة آلاف دينار غير كافية لتغطية مصاريف العلاج والنقل، دون الحديث عن أزمة السكن حيث أن غالبية هذه الفئة عاجزون عن دفع مصاريف الكراء، ناهيك عن مستحقات الكهرباء والغاز والماء.

وفي هذا الصدد، دعت رئيسة الفيدرالية الجزائرية للأشخاص ذوي الإعاقة، عتيقة معمري، الجهات الوصية إلى فتح حوار جدي في مسعى لتحقيق المطالب المسطرة على رأسها المنحة وبطاقة المعوق ورفع الحيف الذي طالهم عدة سنوات، والاستجابة لمطالبهم الأخرى المتعلقة في إعادة النظر في القانون المؤرخ في 8 ماي 2002 المتعلق بحماية وترقية الأشخاص المعاقين الذي أصبح لا يتماشى مع متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة على حد قولها.

كريكو: عدد المعاقين مشكوك فيه

أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في رسالة وجهها إلى ذوي الاحتياجات الخاصة ألقتها نيابة عنه وزيرة التضامن، شهر مارس الفارط، إيمانه وثقته بضرورة انخراط ذوي الاحتياجات الخاصة في مسار التنمية.

وأشار رئيس الجمهورية إلى أن “الاحتفاء بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة يتزامن مع المشروع المؤسساتي الذي ستساهمون لا محالة جميعا في إنجاحه، لوطنيتكم وبهمتكم وإرادتكم التي جعلتكم تنخرطون في المسار التنموي”، موضحا أن “ذلك يعكس طموحاتكم البناءة التي سنعكف على تشجيعها ودعمها وتوفير البيئة الملائمة لتجسيدها، إلى جانب السياسة الاجتماعية الثابتة للدولة تلبية لنداءات قوية عبرتم عنها من خلال مشاركتكم الواعية في حراك 22 فيفري المبارك”.

وكانت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة كوثر كريكو، قد أعلنت أنه سيتم تنظيم حصر الأشخاص ذوي الإعاقة في الإحصاء العام للسكان، مشيرة إلى أن الأرقام المتداولة بخصوص عدد هذه الفئة من المجتمع لا تعكس الواقع.

 

لمياء بن دعاس