ذكرى وفاة أمير شعراء الجزائر محمد العيد آل خليفة….

elmaouid

في هذا اليوم المبارك الثلاثاء 31 جويلية 2018 تمر 39 سنة كاملة على وفاة شاعر شمال إفريقيا وأمير شعراء الجزائر الشاعر الكبير محمد العيد آل خليفة…

هذا، وقد ولد محمد العيد آل خليفة بعين البيضاء في 16 جمادى الثانية 1322 ه الموافق لـ 28 أوت 1904 من عائلة دينية محافظة متصوفة تنتمي للطريقة التيجانية، تنحدر أصلا من بلدة كوينين بالوادي، حفظ القرآن وتعلم أصول الدين من علماء البلدة ثم سافر إلى تونس للتحصيل، تولى إدارة مدرسة الشبيبة الإسلامية بالجزائر العاصمة في 1927 لمدة 12 سنة، له دور كبير في تأسيس جمعية العلماء المسلمين، عاد إلى بسكرة سنة 1941 ثم باتنة…. واصل رسالته في التغني بالحرية والتبشير بالإستقلال والنصر، فكتب نشيد “من جبالنا طلع صوت الأحرار…”، ليجد نفسه في مواجهة آلة الإحتلال، فقد دعاه قاضي التحقيق للتصديق على مناشير تندد بالثورة فرفض رفضا قاطعا وتم وقفه عن العمل بمدرسة العرفان وبعدها تم غلق المدرسة وحولت إلى ملحقة ثكنة عسكرية.

واصل محمد العيد نشاطه النضالي بالمساجد والساحات ليؤخذ في جوان 55 مكبلا وبعد 14 يوما قدم للمحكمة بتهمة التحريض ضد السلطات، وبعد اطلاق سراحه عاود نشاطه إلى آخر السنة، حيث اقتحموا منزله بتهمة التحريض على إعدام المستوطن الفرنسي (جوليان) لتفرض عليه الإقامة الجبرية بمنزله ببسكرة تحت الحراسة المشددة، فظل حبيس جدران بيته طوال الثورة…

أما بعد الإستقلال فلزم الاعتكاف ببيته متعبدا ذاكرا زاهدا في الدنيا قليل المشاركة في النشاطات العامة والخاصة كان يقضي نصف السنة ببسكرة والنصف الثاني بباتنة، حيث توفي بها ذات صيف يوم 31 جويلية 1979..

وجاء في تقديم مجلة “الشهاب” لشكيب أرسلان لمحمد العيد: أرق بالشعر لا عدمت وفيا … قد عرفناك تابعا عبقريا.. قد عرفناك نابغ الفكر حرا شابه الذكر مخلصا وصيا … قد عرفناك بالجزائر برا… يوم احنيت ذكرها الأديبا

من شعره

أنا ابن جدي وقومي السادة العرب

                وحرفتي ما حييت الشعر والأدب

أنفقت وقتي في شعر وفي أدب

     لا شغل عندي إلا الشعر والأدب

ولاغداء بها أحيا بغير طوى

            منعم البال إلا الشعب والآدب

 

قصيدة وقفة على قبور الشهداء، هذا القصيد ألقاه بمقبرة الشهداء بالأوراس في يوم عيد الأضحى المبارك ونشرت بجريدة “المعرفة” لوزارة الأوقاف …

وهذا مقطع منها….

رحم الله معشر الشهداء

              وجزاهم عنا كريم الجزاء

وسقى بالنعيم منهم ترابا

             مستطابا معطر الأرجاء

هذه في الثرى قبور حوتهم

         أم قصور تسمو على الجوزاء

لا تخل معشرا قضوا في سبيل الله

                     موتى بل هم الأحياء

إنهم عند ربهم حول رزق

          منه في نعمة وفي سراء

فأقيموا لهم تماثيل عز

         في قلوب ثورية الآهواء

وبالمناسبة، أتذكر وأنا صغير أن الوزيرين عبد الحميد مهري وأحمد طالب الابراهيمي كانا يترددان على بيته نهاية السبعينيات من أجل جمع أعماله وطبعها، فكان الديوان ديوان محمد العيد الذي طبع في ذلك الوقت عن طريق الشركة الوطنية للنشر والإشهار sned .. وما زالت أعماله المخطوطة التي لم تر النور بعد عند عائلته ببسكرة وهذا حسب تصريح لزوجه ابنه السيدة مرابط حسينة المقيمة ببسكرة والمهتمة بأعمال جد أبنائها الشاعر الكبير وبعودة مهرجان محمد العيد الشعري..

 

مهرجان محمد العيد آل خليفة..

دأبت ولاية بسكرة على تنظيم المهرجان الشعري محمد العيد آل خليفة، وهو مهرجان وطني مسجل سرعان ما تحول إلى مغاربي، ثم دولي كانت عاصمة الزيبان تحتفل به طول الثمانينات من القرن الماضي إلى غاية بداية التسعينيات، حيث كانت تحضره عدة وجوه شعرية بارزة مثل السائحيين الكبير والصغير وكذا شاعر جزائرنا محمد الشبوكي وسليمان جوادي عمر البرناوي وابو القاسم خمار، عبد العالي رزاقي وحرز الله محمد الصالح…. إضافة إلى اكتشاف شعراء شباب صار لهم شأن عظيم فيما بعد مثل عبد الله بوخالفة رحمه الله، دلباني أحمد بوعلام، عاشور فني، عمار مارياش، ديداني رضا، علي مغازي….

والقائمة طويلة كان المهرجان مدرسة وقطبا من أقطاب الشعر يضاهي المربد الشعري وسوق عكاظ…. لكن من المؤسف أن هذا المهرجان قد توقف في السنوات الأخيرة نظرا للضائقة المالية التي مرت وتمر بالبلاد…. فأصبح المهرجان حلما، ولكن ظهرت نداءات في المدة الأخيرة تطالب بعودة المهرجان إلى أصله ونتمنى أن تجد هذه النداءات صدى لها في أقرب فرصة.

فالمرجو من وزارة الثقافة والسيد الوزير كان أحد أبناء هذا المهرجان، وهو الذي ترعرع فيه منذ بداياته الشعرية، نتمنى أن تجد هذه النداءات صدق النوايا الطيبة ودامت عروس الزيبان عاصمة للشعر والشعراء.