دور جمعية العلماء المسلمين في دعم الثورة الجزائرية

دور جمعية العلماء المسلمين في دعم الثورة الجزائرية

 

للشعب الجزائري نضال كبير، وكفاح مرير وجهاد عظيم، توارثته الأجيال منذ دخول المحتلين الفرنسيين إلى بلادهم، وأصبحت الأجيال تسلّم راية الجهاد لبعضها على التوالي، وكان جهاد الشعب الجزائري شاملاً وعظيماً، وعلى كل المستويات السياسية والعسكرية والحضارية… الخ. بني على روح الإسلام وحب الأوطان، والاستعداد للشهادة في سبيل الله عز وجل. وكان للفكر الإصلاحي الذي قاده ابن باديس وجمعية العلماء تأثير كبير في كل مدن وقرى الجزائر، فقد أعدّ ابن باديس جيلاً مؤمناً بحقه في الحياة معتزاً بهويته، رافضاً للاحتلال متشوقاً لحريته. كان ابن باديس توّاقاً إلى التضحية في سبيل تحرير شعبه وبلاده من المحتل الغازي بالنفس والروح. ويذكر الأستاذ إبراهيم الكتاني أنه كان في خريف سنة 1937م في تلمسان بمناسبة تدشين مدرسة دار الحديث بها، وقد رافق الإمام ابن باديس الوفد إلى حيث أطلال مسجد المنصورة، حيث حرر نداء يدعو فيه الأمة الجزائرية للصيام وملازمة المساجد، بمناسبة ذكرى مرور مائة سنة على احتلال قسنطينة، ولما قرأه على الوفد جعل أحد تلاميذه يثبط عزيمته ويحذره مغبة نشره، فغضب ابن باديس وقال: يا أبنائي، إنكم تعلمون أني لم أطلب أي شيء لنفسي، ولكني اليوم أطلب لنفسي شيئاً واحداً، وهو أن تسمحوا لي أن أكون أول ضحية في سبيل الجزائر عندما يحين الوقت للتضحية في سبيلها. إن أول مؤيد للثورة الجزائرية هو الإمام محمد البشير الإبراهيمي، فقد أصدر مكتب جمعية العلماء بالقاهرة يوم 2 نوفمبر 1954 بياناً حمل فيه على فرنسا وحمّلها عاقبة ما ارتكبته في الجزائر، وأكد لها أنها “ستكون سبب موتها”. ثم ذكّر حكومات المشرق العربي بواجبها في “إمداد وتشجيع” هذه الحركات المتأججة في المغرب العربي. وخلال شهر جانفي 1955م، نشرت الجمعية بياناً للشعب الجزائري حررته ومما جاء فيه: إن البلاد في حاجة إلى تغيرات أصولية أساسية تتناول سائر الأسس التي بني عليها النظام الجزائري، لا إلى إصلاحات صورية طفيفة تؤيد الحالة الحاضرة المنكرة.. ولا تقبل الأمة بأية حال ولا ترضى عن برنامج إصلاحي ؛ إلا إذا حقق رغبتها التحريرية الكبرى في كل ما يتعلق بدينها ولغتها.