للنبي محمد صلى الله عليه وسلم الفضل الأعظم في الارتقاء حضارياً بمستوى العرب، بعد عصور الظلام في أوربا، وعهود الجهل في الجزيرة العربية، تقول إيڤلين كوبلد” كان العرب قبل محمد صلى الله عليه وسلم أمة لا شأن لها، ولا أهمية لقبائلها، ولا لجماعتها، فلما جاء محمد صلى الله عليه وسلم بعث هذه الأمة بعثاً جديداً يصح أن يكون أقرب إلى المعجزات فغلبت العالم وحكمت فيه آجالاً وآجالاً، لقد استطاع النبي صلى الله عليه وسلم القيام بالمعجزات والعجائب، لَمّا تمكن من حمل هذه الأمة العربية الشديدة العنيدة على نبذ الأصنام، وقبول الوحدانية الإلهية، لقد وُفّق إلى خلق العرب خلقاً جديداً، ونقلهم من الظلمات إلى النور”. فلقد كانت الحياة العربية قبل الإسلام تقوم أساساً على نمطية خاصة؛ فالقبيلة هي التنظيم الاجتماعي والسياسي الذي يضم حياة الفرد في القبيلة، فكان انتماء العربي الجاهلي انتماءً قبلياً، وليس هناك أية رابطة عملية توحد القبائل وتجمعها، بل على النقيض؛ كانت القبائل متناحرة متحاربة، وإذا ما قامت أحلاف قبلية، فلِمُنَاصرة قبيلة على أخرى، وبالتحديد كانت القبيلة العربية تصنع وحدة سياسية مستقلة. ومن هنا كان الانقلاب الذي أحدثه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم عميقاً في حياة الجزيرة العربية؛ إذ استطاع بسياسته الكفاحية التي تُمليها روح الإسلام أن يحول هذه الوحدات القبلية المستقلة ويرتقي بها لتظهر في إطار الأمة الإسلامية. ويؤكد ذلك المفكر الألماني رودي بارت بقوله: “كان العرب يعيشون منذ قرون طويلة في بوادي وواحات شبه الجزيرة، يعيثون فيها فساداً، حتى أتى محمد صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الإيمان بإله واحد، خالق بارئ، وجمعهم في كيان واحد متجانس”. ويقول في موضع آخر: “جاء محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم النبي العربي وخاتمة النبيين، يبشر العرب والناس أجمعين، بدين جديد، ويدعو إلى القول بالله الواحد الأحد، كانت الشريعة في دعوته لا تختلف عن العقيدة أو الإيمان، وتتمتع مثلها بسلطة إلهية ملزمة، لا تضبط الأمور الدينية فحسب، بل أيضاً الأمور الدنيوية.
من موقع إسلام أون لاين