دور المسلم في زمن الوباء

دور المسلم في زمن الوباء

قدَّر الله بحكمته البالغة وقضائه النافذ أن ابتلى أهل الأرض بهذا الوباء العام المسمى بـ”كورونا”، والذي مُنعوا به ما اعتادوه من خروج ومخالطة، وشهود فرائض الله في مساجده، والأمل معقود في المولى الرحيم أن يرفع هذا الوباء برحمته كما قدَّر وقوعه بحكمته، وأن يجعل عاقبته خيرًا. إن للمؤمن مع البلاء شأنًا متميزًا، لا كشأن غيره معه؛ إذ يعيش ذلك المؤمن لحظات البلاء والإيمانُ يملأ قلبه بأن الله سبحانه هو وحده من قدَّره بحكمة، وقضاه لمقصد، وحدَّ وقته بأمدٍ لا يتخطاه البلاء ” قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ” الطلاق: 3، وبات من مهم شأن ذلك المؤمن رعيُ وظيفة البلاء، بأداء ما يحبه الله ويرضاه زمنَ البلاء؛ من شعيرة المحاسبة، والاستغفار، والضراعة، والاستكانة، والصبر، والاحتساب، والتوكل على الله سبحانه، وحُسن الظن فيه؛ قال تعالى ” وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ” المؤمنون: 76.

فمن وظائف المؤمن في لحظات ابتلاء الوباء أن يأخذ بالأسباب التي ثبت نفعُها في الوقاية منه؛ مما يقرِّره أهل الخبرة والاختصاص الذين أوْصَوْا وما زالوا يُوصون بتقليل المخالطة، والحرص على التباعد الاجتماعي، وارتداء الكمامات التي ظهر بفضل الله أثرُها الإيجابي في التخفيف من انتشار الوباء، كما ظهر الأثر السلبي بالإخلال بذلك من قبل البعض بعد التخفيف في إجراءات الحظر، كما أن من وظائف البلاء الواجبة الشكرَ والدعاء لمن أسهم في علاج الوباء وتخفيف آثاره من الجهات الصحية وغيرها، ومن أهل الإحسان الذين جادوا بأموالهم وجهدهم في تخفيف وقْع البلاء وآثاره على مَنْ مسَّهم ضرُّه. ألا وإن من مهم الوظائف حال البلاء أن يَضرَعَ المؤمن لربه القدير بالإنابة، والدعاء أن يرفع الله هذا الوباء برحمته وقدرته التي لا يُعجزها شيءٌ في الأرض ولا في السماء، فلا كاشف للضر إلا هو، ولا منجِّي من الكرب إلا هو.

وكذلك من مهام وظائف البلاء عقد العزم على تصحيح المسار إلى الله بعد كشف الضر، وألا يحمل الفرحُ بكشفه نسيانَ الشكر ونسبة النعمة لغير ربِّها الذي أسداها؛ إذ من خطير الأمر، وأسباب فجأة العذاب السدور في الآثام بعد كشف الكروب؛ كما قال الله سبحانه ” فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ” الأنعام: 43، 44.