دور المرأة الجزائرية إبان ثورة التحرير

دور المرأة الجزائرية إبان ثورة التحرير

 

أفرز اندلاع ثورة التحرير الجزائرية الكبرى في الفاتح من نوفمبر 1954م وضعا اجتماعيا جديدا دفع بقادتها إلى تعميم مشاركة العنصر النسوي باعتباره يشكل في نظر “جبهة التحرير الوطني” قوة هائلة وذات أهمية أساسية في دعمها ومساندتها، وضرورة تفرضها متطلبات الثورة التحريرية، وقد وجدت المرأة في هذه الخطوة الهامة متنفسا لها، فأطلقت العنان للقوى الكامنة فيها، واندفعت تؤدي واجبها بكل ثبات وصدق، رغم الصعوبات الذاتية والداخلية الصادرة من طرف الأسرة  في بادئ الأمر .يمكننا إبراز الدور الاجتماعي الذي لعبته المرأة منذ بداية الثورة من خلال بعض الشهادات التي أدلت بها بعض المجاهدات، حيث تقول السيدة فاطمة علال: “في بداية الثورة…كانت النساء تتوزع الأعمال التي تتعلق بتموين جيش التحرير الوطني، وعندما اشتد البطش الاستعماري وتعرض الرجال للقتل والنفي والتشريد، والتحق معظمهم بصفوف جيش التحرير الوطني، حلت النساء محلهم في كل الأعمال التي كانوا يقومون بها، فأصبحن يقمن بتموين جيش التحرير الوطني، حيث يجمعن مختلف المؤن وغير ذلك في أكياس يحملنها في “زنابيل” ويغطينها بالنفايات حتى لا يكتشفها جنود العدو، ثم يحملنها على الحمير ويتجهن إلى مراكز استقبال المجاهدين”.

ولم يقتصر الدور الاجتماعي للمرأة الجزائرية على الخياطة، وتموين جيش التحرير الوطني، بل قامت بدور المرشدة الاجتماعية في الوسط النسائي، سواء في القرى أو الأرياف، فكانت تستغل المناسبات الكثيرة التي تسمح بتجمع النسوة مثل أفراح الزواج والختان، والوفيات وزيارة الموتى في المقابر، وفي ذلك تقول السيدة زكية بوضياف: “كنا نعطي النساء دروسا في التوعية السياسية، بحيث نشرح للقرويات أهمية الثورة وأهدافها، وحقيقة الاستعمار الفرنسي… كما كنا نعطي دروسا في التربية الاجتماعية، تتعلق بكيفية تربية الأطفال وطريقة معالجتهم ونظافتهم. وكل ما يفيد العائلات في التدابير المنزلية والحياة الصحية، وبممارستها لدورها، أصبحت المرأة الجزائرية تستقبل وتأوي، حتى أثناء غياب زوجها، المجاهدين والفدائييـن الذين كان ” البوليس يبحث عنهم في المدن” ، وتقدم لهم الغذاء والشراب والمؤونة، وتنظف ثيابهم، وتسهر على راحتهم، وتشجعهـم بالزغاريد والأغانـي الحماسية، لتقوية نشاطهـم وإيمانهـم، وفي المجال الصحي كان للمرأة دور بارز في ميدان التمريض على وجه الخصوص لما شهدته الجزائر عقب الحرب العالمية الثانية من انتشار الأمراض والأوبئة الفتاكة مثل الحصباء والجذري والتيفوئيد والملاريا وحمى المستنقعات، بسبب غياب التربية الصحية المتمثلة في استعمال الآبار غير الصالحة للشرب واستعمال المياه القذرة لسقي الخضر، والفقر وتدهور المستوى المعيشي وعدم اهتمام السلطات الاستعمارية بالإجراءات الصحية الوقـائية، إضافة إلى انتشار ظاهرة التعاطي للكحول بسبب ارتفـاع نسبة البطالة والأمراض العصبية والعقلية الناتجة عن اغتصاب أرباب العمل الأوربيين والجنود للفتيات الجزائـريات .