الجزائر- اكتفت الدورة الاستثنائية التي عقدها الأفافاس نهاية الأسبوع بتسوية “موجزة” لأزمته الداخلية وفق المنظور الذي فرضته القيادة المركزية للحزب بالمصادقة على قراراتها المتمثلة في تثبيت إقصاء عضو الهيئة الرئاسية رشيد حاليت واستقالة الأمين الأول السابق أحمد بيطاطاش فضلا على إبعاد قيادات من فيدراليات تيزي وزو والبويرة وبجاية عن الأمانة الوطنية تحت طائلة “تقليص” عدد المناصب فيها.
تجاوزت الدورة الاستثنائية لمجلس الأفافاس الأزمة الداخلية التي يعرفها الحزب في الأشهر الأخيرة وهي الأزمة التي طفت على السطح عبر القيادي المستبعد رشيد حاليت لتمضي الجبهة إلى التشريعيات بخصها الأولوية على حساب تسوية الخلافات الداخلية، وقد بدا ذلك جليا في طبيعة الدورة التي اتخذت طابعا “تأديبيا” أكثر منه تشاوريا وفرضا للخيارات التي أقرتها القيادة المركزية الممثلة في ثلاثة أعضاء من الهيئة الرئاسية ويتعلق الأمر بكل من القيادي النافذ محند أمقران شريفي وعلي العسكري ورشيد بالول لتضع “تركة دا الحسين” خارج المنتظر منها سياسيا بتراجع سقف مهامها إلى تضميد “النزيف” الداخلي بدلا من مشروع “التجميع” الوطني الذي أعلنت عنه قبل طفو أزمتها الداخلية.
بالموازاة معها، تراجع منسوب الانطباعات التي كان يحظى بها الأفافاس لدى الرأي العام وقادة الرأي بصفة خاصة إلى مرحلة “التشكيك” في “التكتيك” الذي يسير عليه الحزب منذ انسحاب الزعيم آيت أحمد من قيادة الحزب لا سيما وأن خيار المشاركة المتخذ منذ تشريعيات 2012 كان قاب قوسين من الاجماع الداخلي بوجود “خزان” كامن من المناضلين النازعين إلى “الممانعة” على رأسهم الشريحة الشبانية المحسوبة على مرحلة التشبيب التي قادها كريم طابو، وإن كانت هذه الأخيرة تحتفظ بـ”كبتها” في ظل الخارطة القيادية الجديدة والخيارات “المهادنة” المفروضة عليها. ولعل الخطوة التي أقدم عليها الأمين التنفيذي الأول بالأفافاس سابقا أحمد بيطاطاش الذي كان يعد قبل 5 سنوات من المحيط القريب من طابو ، أبرز ملمح للأزمة الكامنة في الحزب والتي سيظل “يحبل” بها على المدى القريب.
ويربط المتتبعون لشؤون الأفافاس التسوية الإقصائية لرشيد حاليت ضمن “أزمة التوجهات” التي تحملها الجبهة والتي بدورها انعكست على الممارسة التنظيمية في الحزب من خلال تصادم المنهج “الجهازي” الذي تفرضه جماعة شريفي مع بقية القيادات التي اعتادت “المرونة” في الحزب ليشهد هذا الأخير “نزيفا” أوليا قد لا يحتمل السير به أبعد من دورة أخرى، ولعل البارز في هذا النزيف والتسوية التي طبقتها قيادة الافافاس في الدورة الاستثنائية هو توجيه “العملية الجراحية” إلى فيدراليات الوسط وتحديد منطقة القبائل التي تعتبر الوعاء الانتخابي الوحيد تقريبا للحزب.
ويتوقع متتبعون للشأن السياسي أن تؤثر الأزمة الداخلية على “حظوظ” الأفافاس في الاستحقاقات القادمة خاصة بدخول غريمه الأرسيدي المعتركين ليقوض من حصته في منطقة القبائل التي تعد الوعاء المشترك للتشكيلتين حيث ستكون “تركة دا الحسين” هذه المرة على موعد مع قياس حقيقي لوزنها في الساحة عكس 2012 التي خلا لها المجال بعد انسحاب حزب سعيد سعدي.