أشاد الكاتب والصحفي كمال داود في روايته الثالثة الأخيرة “زبور أو المزامير” والتي صدرت مؤخرا في طبعات “برزاخ” الاسبوع الماضي في فرنسا وتونس، بالدور الحيوي للكتابة والذاكرة التي تشكل جوهر الحياة واللغة
باستكشاف جميع الظواهر الاجتماعية، إلى جانب علاقة الانسان بالحياة والموت والكتابة أو حتى بالعقائد الشعبية.
و ارتكزت القصة الخيالية والمؤلفة من 329 صحفة على شخصية محورية تمثلت في الشاب زبوري، شاب يجيد الكتابة اكتشف في نفسه موهبة خارقة للعادة تمكنه من “تفادي الموت”، حيث أطال عمر العشرات من سكان قريته أبوكيري فما عليه إلا كتابة القصص وتحديد ملامح ما يحيط به ليعطي تسلسلا لأحداث الحياة ويسرد قصة كل فرد.
واقتصر عالم زبور في الفئات المهمشة من المجتمع، على سبيل الابن الذي هجره أبوه الجزار الثري، حيث ربته عمته هاجر “الفتاة غير المتزوجة” التي تبحث عن رجل لتستكمل حياتها، و جده المريض و الأبكم الذي أصبح سوى مجرد شبح ضال ليس بحوزته أي قصة يحكيها.
وتعيد هذه الراوية التي تدور في الجزائر في نهاية سنوات 1970 رسم طفولة زبور التي مر بها، بدءا من المدرسة والمدارس القرآنية ومرحلة اكتشافه عالم المرابطين والكتابة واستكشاف اللغات، لاسيما علاقته بالحياة والموت إلى غاية اكتشافه لموهبته.
وموهبة زبور في الحفاظ على حياة العديد من أفراد القرية وضعته على محك الاختبار عندما دعي لأول مرة بعدما “عجز الاطباء وقراء القرآن في “إبعاد ” الموت الذي كان يحوم بوالده.
كما أن رواية “زبور أو مزامير” هي بمثابة مبرر لمعالجة مكانة المرأة في المجتمع الجزائري من خلال سرد حياة عمته هاجر وجارته جميلة، أم شابة مطلقة.
و في الوقت نفسه تشيد الرواية بالكتابة وفن الخط والرموز وتحلل مهارات الكتابة وفنونها، حيث دفعت بقدر كبير من اللباقة حدود اللغات التي “عادة ما تقف عاجزة عن الوصف والتعبير”.
وفيما يخص غلاف الكتاب فقد وقع الاختيار على عمل من الفوتوغرافي التونسي جلال كاستيليي أقتبس من مجموعته المعروفة باسم”السلسلة البيضاء” حيث تم عرض زخارف الهندسة التقليدية وفن الخط العربي إلى جانب شواهد القبور الإسلامية.