أجمع العلماء أن التدخين وشرب التبغ على أي كيفية حرام؛ لأن ذلك من الخبائث؛ وقد قال تعالى في صفة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: ” وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ” الأعراف: 157. وهو محرم؛ لكونه خبيثًا ومشتملًا على أضرار كثيرة، والله سبحانه وتعالى إنما أباح لعباده الطيبات من المطاعم والمشارب وغيرها، وحرم الخبائث؛ وقد قال سبحانه وتعالى واصفًا نبيه صلى الله عليه وسلم: “وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ” الأعراف: 157، والدخان بأنواعه كله من الخبائث، والواجب على كل من يشربه البدار بالتوبة والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى، والندم على ما مضى، والعزم على ألَّا يعود إلى ذلك، ومن تاب صادقًا تاب الله عليه؛ كما قال الله تعالى: “وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ” طه: 82. أما من السنة؛ فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن إضاعة المال، وإضاعة المال صرفه في غير فائدة، ومن المعلوم أن صرف المال في شراء الدخان صرفٌ له في غير فائدة، بل صرف له فيما فيه مضرة.
ومن أدلة السنة أيضًا ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا ضرر ولا ضرار”، فالضرر منفي شرعًا، سواء كان ذلك الضرر في البدن، أو في العقل، أو في المال، ومن المعلوم أن شرب الدخان ضرر في البدن وفي المال. وأما الاعتبار الصحيح الدال على تحريم شرب الدخان؛ فلأن شارب الدخان يوقع نفسه فيما فيه مضرة، وقلق وتعب نفسي، والعاقل لا يرضى لنفسه بذلك، وما أعظم قلق شارب الدخان وضيق صدره، إذا فقده، وما أثقل الصيام ونحوه من العبادات عليه؛ لأنه يحول بينه وبين شربه! بل ما أثقل المجالسة للصالحين الذين لا يمكن أن يشرب الدخان أمامهم! فإنك تجده قلقًا من الجلوس معهم ومن مصاحبتهم. وكل هذه الاعتبارات تدل على أن شرب الدخان محرم، فنصيحة للذين ابتلوا بشربه أن يستعينوا بالله عز وجل، ويعقدوا العزم على تركه العزيمة الصادقة، مع الاستعانة بالله، ورجاء ثوابه، والهرب من عقابه.