فلسطين ليست أرضا فقط، بل قضية عادلة كانت مصدر إلهام لكثير من الأدباء والشعراء الفلسطينيين، نتيجة الأحداث المأساوية والهزات العنيفة التي ضربت الأرض العربية المحتلة، دفعت الكثير من أبناء الشعب الفلسطيني لينسجوا روايات وقصصا وقصائد تأخذ الطابع الوطني كردة فعل ثقافية نحو أحداث مفصلية هددت فلسطين في ظل تنامي المشروع الصهيوني وازدياد صمود الشعب الفلسطيني رغم وحشية العدو الإسرائيلي.
رجاء النقاش، الكاتب الصحفي الراحل والناقد الكبير، قدم لنا الشاعر الفلسطيني الأشهر محمود درويش قـائــلا: “كان لقــائي الأول مـع أدب الــمقــاومة فـــي أرض فــلسطيــــن المحتلة في أواخر سنة 1966، وأذكر أنني في ذلك الحين كنت في زيارة للجزائر مع وفد صحفي من الجمهورية العربية المتحدة، وفي الطائرة وقعت يدي على جريدة جزائرية، وفي ركن من أركان الجريدة وقعت عيني على قصيدة بتوقيع محمود درويش، وقد قدمتها الجريدة على أنها قصيدة لشاعر من أرض فلسطين المحتلة، وقرأت القصيدة فهزني ما فيها من صدق وبساطة وجمال فني وهزني فوق ذلك كله ما فيها من حرارة ثورية عنيفة”.
درويش هو الشاعر المِعطاء ومن أفضل الأدباء الفلسطينيين؛ مَن منا لم يسمع أغاني مارسيل خليفة التي تغنى بها وضربها على عوده، ودندن الجمهور معه بها “منتصب القامة أمشي” و”أحن إلى خبز أمي”، تلك الأشعار التي كتبها درويش كان يكمن خلفها ولعٌ وحنين، وحزن دفين؛ ولعُ الحب، حنينُ الوطن، وحزن المَنافي. وظلت أشعاره لامعةً في سماء الأدب العربي والعالمي بل وظلت دليلًا على الثورة والمقاومة.
ومن بين الأدب الفلسطيني أدب السجون، وهو أدب إنساني ولد في عتمة وظلام الأقبية والزنازين، وخلف القضبان الحديدية، وخرج من رحم الوجع اليومي والقهر الذاتي، ليعبر عن قسوة التعذيب وآلام التنكيل، وهموم الأسير، وتوقه لنور الحرية وخيوط الشمس، وأدب السجون يولد حياة جديدة للأسير، نتيجة معرفته لأشياء قيمة بمزيد من الوعي والبصيرة، فلم يكن السجن قتلا للهوايات بل العكس كان لإنتاج إبداع مقاوم. أما النوع الآخر من الأدب الفلسطيني فهو أدب المنفى، فالكثير من المهجرين استلهموا من تهجيرهم أدبا وشعرا وروايات.
ولا يمكن النظر إلى تاريخ الأدب الفلسطيني دون الرجوع إلى العقد السابع من القرن العشرين، حيث أصدر غسان كنفاني ثلاث دراسات، اثنتان منها عن أدب المقاومة، والثالثة عن الأدب الصهيوني، واكتشف فيها لأول مرة الإنتاجات الأدبية من الأرض المحتلة التي كانت صلتها بالعالم العربي انقطعت بعد الاحتلال الصهيوني، ففتح للعرب نافذة على الأدب العربي الفلسطيني، الذي كان مليئا بالحيوية والأفكار الثورية، وكذلك اكتشف لأول مرة الكتابة الصهيونية، التي لعبت دورا مهما في تمهيد الطريق لقيام دولة إسرائيل المحتلة.
وكـــــان الـروائي الفلسطينـــي الــراحل غسان كنفاني رائدا في دراسة الأدب المقاوم، وكذلك رائدا في دراسة نقيضه المعروف بالأدب الصهيوني، كما يقول محمود درويش في مقدمة المجلد الرابع للأعمال الكاملة لغسان كنفاني: في الوقت الذي كان يكشف فيه غسان كنفاني غطاء السر عما يكتبه كتاب الأرض المحتلة العرب، كان يدرس نقيض هذه الكتابة وإحدى مواد محاوراتها: الكتابة الصهيونية، ودورها في تشكيل الوعي والكيان، الصهيونيين. وبكلمات أخرى كان يدرس فاعلية الكتابة لدى العدو، فقدم بذلك أول دراسة عربية عن واحد من أخطر الموضوعات الصهيونية”.
ظهر أيضا صوت غسان كنفاني في أعماله، ولقّب بـ “شهيد القلم”، فهو من أفضل الأدباء الفلسطينيين؛ مُفكرا وكاتبا وروائيا وقاصا.
وكانت أغلب كتابات كنفاني تتمحور حول حماية الهوية الفلسطينية والحفاظ عليها، وقد كان الناطق باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ومن أشهر أعماله، رواية “عالم ليس لنا”، و”رجال في الشمس”، و”موت سرير رقم 12″، وتحولت روايتان له إلى عمل سينمائي.
وكانت فدوى طوقان من النساء القلائل اللائي اقتحمن عالم الأدب والشعر، ورسخن اسمهن فيه، واحتلت مكانة مميزة بين أفضل الأدباء الفلسطينيين.. ولدت في عام 1917م، وتوفيت فى 2003، وكُتب على قبرها بعد موتها أحبّ القصائد إلى قلبها فداءً لفلسطين.
وقد كتبت سيرتها الذاتية في جزءين: “رحلة جبلية رحلة صعبة” و”الرحلة الأصعب”، وكانت في السيرتين تحكي عن معاناة المرأة العربية، وبالأخص النابلسية، في مواجهة تحديات العادات والتقاليد.
شاعر المُجاهدين، هكذا لقب الشاعر عبد الرحيم محمود، فقد كان ينسج أشعاره من خيوط الدماء داخل الميدان، إلى أن استشهد في إحدى المعارك معركة الشجرة، لم يكتفِ عبد الرحيم بالدواوين الشعرية، وإنما رأى أن السلاح له مفعول كذلك، فقد كان يُحارب الاستعمار البريطاني على أراضي فلسطين مُدافعًا عن هويتها ولغتها.
ق\ث