روى أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: ” إِذَا سَرَّتْكَ حَسَنَتُكَ وَسَاءَتْكَ سَيِّئَتُكَ، فَأَنْتَ مُؤْمِنٌ” قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا الإِثْمُ؟ قَالَ: “إِذَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ شَيْءٌ فَدَعْهُ” رواه أحمد، وفي رواية عند الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من سرته حسنته وساءته سيئته، فهو مؤمنٌ”. هذا الحديث أحد المقاييس والمؤشرات المهمة التي تقيسُ مستوى الإيمان عند المسلم، فكما يحتاج الإنسان إلى قياس مستوى الضغط والسكر وغيرهما من أمراض؛ ليتدارك صحته قبل تدهورها، فإن للإيمان مؤشرات، وعلامات بينتها السنة النبوية ينبغي للمسلم الأخذ بها؛ لكي يتدارك إيمانه قبل أن يتدنى ويضمحل، ومتى ما اضمحلَّ فقد أوقع صاحبه في المهالك، وعرَّضه للعقاب.
والإيمان كما نعلم جميعًا هو تصديق بالجنان وإقرارٌ باللسان وعملٌ بالأركان، يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان، وأن مجرد تصديق القلب من غير إقرار باللسان، لا يحصل به الإيمان، فإن إبليس لا يُسمى مؤمنًا بالله، وإن كان مصدقًا بوجود الله عز وجل، وبربوبيته وإيمانه بالبعث والنشور، ألم يقل: ” رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ” ص: 79، ولا يسمى فرعون مؤمنًا وإن كان عالمًا بأن الله بعث موسى بالتوراة، وقد استيقنتها أنفسُهم وجحدوا بها بألسنتهم، فلذلك مجردُ التصديق من غير إقرارٍ، لا يحصُل به الإيمانُ، ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: “إِذَا سَرَّتْكَ حَسَنَتُكَ وَسَاءَتْكَ سَيِّئَتُكَ، فَأَنْتَ مُؤْمِنٌ”؛ أي: إذا عمِلت سيئة ووقع في قلبك حزنٌ واستياء؛ وجلًا من الله وخوفًا من العقوبة، فأنت مؤمن، وإذا فعلت حسنة وحصل لك فرح ومسرَّة دون غرور وعُجبٍ، فأنت مؤمن؛ لأن المؤمن الكامل يُميزُ بين الطاعة والمعصية، ويحتسب الثواب من الله، ويعتقد المجازاة عليها يوم القيامة، بخلاف الكافر فإنه لا يفرق بينهما، ولا يبالي بفعلهما.