جمعت الدراما المصرية هذا العام العديد من أسلحتها لتقدم وجبة فنية دسمة في موسم رمضان المعروف بكثافة تسليط الأضواء على المسلسلات التي تعرض طوال الشهر، واختارت عن قصد التنوع شعارا لها بما يوحي باسترداد عافيتها، فلم تحصر الأعمال المقدمة في قالب واحد من حيث المعالجة والقضايا التي تناقشها، وتحاشت أخطاء أعوام سابقة بدت فيها الجرعة الأمنية ذات سطوة واضحة.
ومنذ أن وثق النظام المصري في الدور الإعلامي الذي يمكن أن تقوم به الدراما بصفتها أحد عناصر القوة الناعمة للبلد، وهو يمنحها اهتماما ويوفر لها دعما ماديا ومعنويا تحت مظلة “المتحدة”، وهي الشركة الرسمية الراعية للفن والدراما والإعلام حاليا، والتي تكشف متابعة أعمالها قدرا كبيرا من التوجهات السياسية والثقافية والاجتماعية في الدولة المصرية.
وهذا العام، اختارت بعض المحطات المصرية والعربية استباق شهر رمضان بعرض أولى حلقات مسلسلاتها قبل حلوله بيوم، من أجل جذب قطاع أكبر من المشاهدين وزيادة تعلقهم بمتابعة ما يعرض عليها في الأيام المقبلة، بينما التزمت غالبية المحطات بالموعد المعتاد الذي يبدأ عقب إفطار اليوم الأول من رمضان، ولكل محطة حساباتها الدرامية والإعلانية، لكن الأيام الأولى تظل مؤشرا للحكم على مدى جاذبية العمل الفني ومتابعته أم لا.
وتقدم الدراما المصرية هذا العام ما يمكن وصفه بأنه كوكتيل أو خليط من الأعمال التي تتراوح بين السياسة والأمن والدين وقضايا المجتمع بتنويعاتها، وبين الكوميديا والأكشن والحرب والرومانسية والتاريخ وتعقيداته، كذلك انخفضت ظاهرة المعلقات الدرامية التي تتكون من ثلاثين حلقة وقد تمتد إلى أجزاء أخرى في الأعوام التالية، وهناك بعض الأعمال التي تتقاسم الشهر، كل منها يضم 15 حلقة فقط.
اختيار هذه الوصفة أو الخلطة جاء وليد صراع خفي ينمو بين الدراما المصرية ونظيرتها العربية، خاصة التي تنتجها بعض دول الخليج مثل السعودية، وتعتمد على فنانين وفنانات من مصر ودول عربية أخرى، وقد يمثل هذا الاتجاه تهديدا للقاهرة، لكنه يثبت أن القوة الناعمة المصرية في المجال الفني والدراما تحديدا لا تزال مؤثرة.
جاء التنوع المصري لإرضاء الأذواق العربية وحاول سد الثغرات التي تجدها الدراما المنافسة الصاعدة بقوة للتغلغل منها نحو الجمهور، بعد أن منحت القاهرة مساحة كبيرة للأعمال ذات الجانب الأمني والسياسي لتوصيل رسائل معينة لمن يهمهم الأمر.