يحصى في الجزائر، اليوم، 176 مهرجاناً ثقافياً يتوزّع بين الأدب والمسرح والسينما والموسيقى والفنون التشكيلية وغيرها من المجالات؛ 33 منها وطني، و29 دولي، و114 محلّي، لكنّ هذا الرقم قد يتقلّص (وقد يرتفع) مستقبَلاً، بعد أن وعدت وزيرة الثقافة والفنون، صورية مولوجي، بإعادة هيكلتها وتوزيعها.
وقالت مولوجي، التي كانت تتحدّث في جلسة برلمانية إنّ وزارتها “بصدد إعداد دراسة لإعادة هيكلة المهرجانات المحلّية للفنون والثقافات الشعبية”؛ بحيث يُعاد توزيعها جغرافياً، بشكلٍ يُحقّق توازُناً بين الولايات، وخصوصاً تلك التي استُحدثت مؤخَّراً، مضيفةً أنّ تأسيس مهرجان وطني في كلّ ولاية “ضروري لتثمين الموروث الثقافي لكلّ منطقة، وتنشيط المشهد الثقافي والفنّي فيها”.
وكانت الجزائر قد استحدثت، في 2021، عشر ولايات جديدة تُضاف إلى الولايات الثمانية والأربعين الموجودة منذ التقسيم الإداري الذي أُجري سنة 1984. لكنّ معظم الولايات الجديدة لا تزال من دون تظاهرات ثقافية، ومن دون مؤسّسات وفضاءات ثقافية أيضاً.
وفي هذا السياق، قالت مولوجي إنّ وزارة الثقافة تعمل على إيجاد صيغة تسمح بتأسيس مهرجانات جديدة، أو تحويل بعضها إلى الولايات الجديدة أو التي تشهد نقصاً في هذا النوع من التظاهرات الثقافية، مُعتبرةً أنّ “تأسيس المهرجانات يقوم، خصوصاً، على مبدأ الاستشراف الاقتصادي الذي يسعى إلى جعلها تظاهرات مُنتِجة”.
وتعني الوزيرةُ بـ “التظاهُرات المُنتِجة” جعْلها مُربحةً اقتصادياً، وهي مفرداتٌ باتت تتكرّر كثيراً في الخطاب الرسمي، خصوصاً بعد تهاوي أسعار النفط عام 2014 واعتماد الحكومة سلسلة من إجراءات “ترشيد النفقات”، والتي ربّما لم تُعتمَد في قطاعٍ آخر كما اعتُمدت في قطاع الثقافة.
وقد يكون في تصريحات الوزيرة الحالية جانبٌ إيجابي يتمثّل في حديثها عن التوازُن في التوزيع الجغرافي للمهرجانات الثقافية، والذي من شأنه، ربّما، تحقيقُ نوع من العدالة الثقافية التي ينبغي، بالمناسبة، أن تتوفّر للمدن والقرى البعيدة، وألّا تكون حكراً على المدن الكبيرة. لكنّ أيّةَ مراجعة جدّية للمهرجانات ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار سؤال المضامين أوّلاً، والذي يعني فحص جدواها وفعاليتها؛ فعاليتها الثقافية أوّلاً ثمّ فعاليتها الاقتصادية لاحقاً.
ب\ص