وقبيل انطلاق الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية والتى تعد الأكثر أهمية فى الوقت الحالى لما سوف يترتب عليها من إجراءات تؤثر فى مصير قوى عالمية مثل الاتحاد الأوروبى ومنطقة اليورو، وحلف الناتو،
تشير التوقعات إلى أن المرشحة الفرنسية لتيار اليمين المتطرف مارين لوبان تزايدت حظوظها بشكل كبير ، ويظهر ذلك بدءا من برنامجها الانتخابى وحتى الهجوم الإرهابى الذى وقع مساء الخميس وتبناه تنظيم داعش، ووقوف شرطة بلادها بجانبها وتأييد فوزها. وفي السياق يعتبر تنظيم داعش الإرهابى من خلال هجومه الآخير فى باريس، الذى أدى إلى مقتل منفذه بالإضافة إلى شرطى فرنسى “كمن يدلى بصوته وبشكل مبكر” فى الانتخابات الرئاسية المحتدمة بين اليمين المتطرف واليسار المتشدد، وأحزاب الوسط، وهذا الهجوم الدموى إشارة واضحة لترجيح كفة اليمين المتطرف على منافسيه.وفى هذا السياق أكد عدد من الخبراء الفرنسيون أن الهجوم يعد هدية ثمينة لزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان قبل ساعات من الدور الأول للانتخابات، وربما يمكنها من حسم الانتخابات من الجولة الأولى، لاسيما وأن لوبان طالما بنت برامجها الانتخابية على ضرورة محاربة الإرهاب.وتزيد فرص مارين لوبان فى كسب المزيد من الأصوات بعد هذا الهجوم.
ومن أهم التدابير التى تعدها لوبان اليمينة ذات الفكر المتطرف هى تكثيف الإجراءات الأمنية والتدقيق على الحدود الفرنسية، وكانت قد قالت مارين لوبان في وقت سابق ، إنه يتعين على فرنسا أن تعيد العمل فورا بإجراءات الفحص على الحدود وطرد المهاجرين المدرجة أسماؤهم على قوائم المراقبة الأمنية.وفى تعليقها على هجوم باريس ، حثت لوبان الحكومة الاشتراكية على التنفيذ الفورى لهذه الإجراءات التى يتضمنها برنامجها الانتخابى.وتركز لوبان حملتها على سياسات معادية للهجرة ومناوئة للاتحاد الأوروبى، كما أشارت لوبان إلى أنه لا بد من طرد الأئمة الداعين للكراهية وأصحاب الخطب المتطرفة، إضافة إلى إغلاق المساجد التى تسير على نفس النهج.كما كشف استطلاع أجراه معهد ”إيفوب” ، أن أكثر من نصف ضباط الشرطة فى فرنسا يؤيدون فوز مرشحة الجبهة الوطنية مارين لوبان، فى الانتخابات الفرنسية التى تجرى فى البلاد غدا الأحد، إذ أن 51 % من عناصر الدرك يعتزمون التصويت للمرشحة اليمينية فى الجولة الأولى.ويشكل داعمو لوبان فى صفوف الشرطة، أكثر من ضعفى من يدعمون خصمها المحسوب على الوسط، إيمانويل ماكرون 16.5%. ومن المرجح أن يكون هذا التأييد الكبير من ناحية رجال الأمن الفرنسى للوبان، راجع إلى قراراتها الحاسمة وبشكل خاص فيما يتعلق بعملهم، إذ أنها تعهدت إنه فى حال فوزها بمنصب رئيس الجمهورية، ستضيف أكثر من 15 ألف عنصر إلى جهاز الشرطة إضافة على تزويدهم بالإمكانيات المتطورة اللازمة لحمايتهم ولردع الإرهاب.
صمت انتخابى وإجراءات أمنية مشددة
يذكر انه انتهت الفترة القانونية المقررة للدعاية الانتخابية للمرشحين فى انتخابات الرئاسة بفرنسا، وبدأ فترة الصمت الانتخابى قبل يوم واحد من بدء عملية الإقتراع.وبدءاً من منتصف ليل الجمعة ، امتنع المرشحون عن القيام بالدعاية الصادرة عن حملاتهم الانتخابية الرسمية بما فيها السمعية البصرية.ووفقا للدستور الفرنسى ، تنتهى الحملة الانتخابية قبل يوم من الإقتراع عند منتصف الليل وحتى نهاية الدورة الأولى من الإنتخابات ، ويخضع المرشحون لمنصب رئيس الجمهورية إلى لائحة صارمة من القوانين والإجراءات التى يتوجب عليهم الالتزام بها.ويشمل الصمت الانتخابى كذلك وسائل الإعلام ، حيث يمنع القيام بأى استطلاعات جديدة للرأى حول الانتخابات ونشرها وتوزيعها بأى وسيلة، ومن ينتهك ذلك يقع تحت طائلة الغرامة التى تصل إلى 75 ألف يورو.يذكر ايضا انه شددت السلطات الفرنسية من إجراءاتها الأمنية حول مكاتب التصويت تمهيدا للبدء فى عملية الانتخابات الرئاسية التى تبدأ دورتها اليوم الأحد.
لوبان وماكرون ..الطريق الى المواجهة فى الجولة الثانية
يشار الى انه رغم استطلاعات الرأى المتقاربة إلى حد خلط كل الأوراق بين أربعة مرشحين، وهم: إيمانويل ماكرون، ومارين لوبان، وجان لوك ميلانشون، وفرانسوا فيون؛ فإن المنافسة زادت وتيرتها بين إيمانويل ماكرون وبين مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان التى يتوقع لها بعض المراقبين المرور إلى الجولة الثانية؛ حيث أظهرت أحدث استطلاعات الرأى أن الجولة الأولى من نوايا التصويت لا تزال متقاربة بدرجة يتعذر معها القطع بنتيجتها، وإن كان ماكرون يتصدر النتائج فى الجولة الأولى بنسبة 24% كما أظهر الاستطلاع أيضاً أن لوبان تحسنت نتائجها وصلت إلى 22% مما يعنى صعودهما على ولأن الرئيس هولاند المنتهية ولايته على دراية كافية بأن مهاجمة الإسلام والمسلمين أصبحت الوسيلة الأكثر رواجاً لأحزاب أقصى اليمين، فإنه حذر من المخاطر التى قد تتمخض إثر فوز مارين لوبان، ومرشح اليسار الراديكالى جان لوك ميلانشون والذى يحل فى المركز الثالث فى استطلاعات الرأى بنسبة 19.5%؛ حيث اكد الرئيس هولاند أن صعود المرشحين للجولة الثانية أو فوز إحداهما بمثابة فقدان فرنسا لوسطيتها وتوجهاتها الأوروبية المعهودة.
انتخابات حاسمة ومستقبل مجهـــول
والواقع رغم أن الوضع لا يزال غير مستقر؛ فإن إمكانية أن تكون المنافسة فى الجولة الثانية بين سياسيتين شعبويتين من أقصى اليمين وأقصى اليسار تظل مطروحة، وإن كان السيناريو الأكثر ترجيحاً أن تكون فى جولة الإعادة بين المرشح الوسطى إيمانويل ماكرون ومرشحة أقصى اليمين مارين لوبان، وهو الوضع الذى يرقى إلى حد الصدام بين رؤيتين متعارضتين تماماً فيما يتعلق بالأمن الدولى. وأياً كان السيناريو المرجح فقد يكون هناك دور بارز لأقصى اليمين فى الجولة النهائية، الذى قد يؤدى انتصاره إلى تأثير كبير على سياسة فرنسا الدولية منها انسحابها من الاتحاد الأوروبى، ووضع ضوابط للحدود الوطنية أو بالأحرى التمسك بالهوية الفرنسية، ويبدو أن هذا مرجعه أيضاً إلى كون معظم الحملات الانتخابية تدور رحاها حول مسائل مثل الهجرة والدين والهوية العلمانية والسياسات الحمائية بشكل عام؛ حيث ان هناك قناعة من معظم المتنافسين على رئاسة الجمهورية الفرنسية على أن هذه المسائل الجوهرية سوف تؤدى بالضرورة إلى نتائج ملموسة فيما يخص أولويات المواطنين التى تتمثل فى مسائل من قبيل الرواتب والبطالة والتعليم والخدمات الصحية.