خير متاع الدنيا

 خير متاع الدنيا

 

قال صلى الله عليه وسلم: “الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة” رواه مسلم. يُبين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الدنيا كلها متاع، وخير هذا المتاع الزوجة الصالحة. والله عز وجل يبيِّن في كتابه أن مِن دعاء أهل الإيمان من عباد الرحمن الحصول على الزوجة والذُّريَّة الصالحة؛ قال تعالى: ” وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ” الفرقان: 74. وبعض الشباب يبالغون في شروط اختيار الزوجة والمواصفات الخُلُقية والخَلْقية التي يجب توفُّرُها فيها. والواجب على الشباب المسلم الحرص على اختيار المرأة الصالحة، القانتة، الحافظة للغيب بما حفظ الله، وليس معنى ذلك أن يهمل الجمال وباقي المتطلبات، بل لا بد أن تكون مقبولة لديه؛ لتتحقق الأُلفة والمتعة والمودَّة، ولتعفَّه عن المنكرات. ولكن الجمال المقبول بدون الصلاح والتقوى نقمة، وليس نعمة؛ قال الله تعالى: ” فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ” النساء: 34. وقال صلى الله عليه وسلم: “تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين ترِبت يداك” رواه البخاري. فالمال والحسب والجمال والدين: أربعة أشياء يسعى إليها الرجل، ويطمع ويرغب ويسعى إلى الفوز بمن تتوافر فيها واحدة منها أو أكثر.

المال: فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ولا تزوجوهن لأموالهن، فعسى أموالهن أن تُطغيهن” رواه ابن ماجه. والمال وحده لا يمكِّنه من تحقيق السعادة الزوجية أو السكن والمودَّة والرحمة، وخاصَّة إذا انفصل عن الصلاح والتقوى.

الجمال: وهو سر فتنة النساء للرجال، وهذه الفتنة من أشد الفتن ضررًا على الرجال؛ قال صلى الله عليه وسلم: “ما تركت بعدي فتنةً أضرَّ على الرجال من النساء” رواه البخاري. والجمال إذا انفصل عن الصلاح والتقوى سبَّب للزوج متاعبَ كثيرةً، ومشاكل عديدة، وحمَّله من الهمِّ والغيرة والشكِّ ما لا يطيقه، وكلَّفه من الصحة والإنفاق ما يجعله أسيرًا لهذا الجمال. والجمال شيء نسبيٌّ يختلف من رجل إلى آخر، وهو على دربين: الأول: جمال الجسد، وهو وحده قد يزول بعد فترة من المعاشرة. والثاني: جمال الرُّوح، وهو لا يزول إلا مع ذهاب الروح إلى بارئها جلَّ وعلا، وجمال الروح هو الذي يضفي اللذة والمتعة الحقيقية على الجسد، والسعادة على الحياة كلها،

الحسب والنسب: وهو من الأمور الهامَّة جدًّا، وهو إمَّا مطلوب ومرغوب إذا كان اختيار الحسب والنسب الأصيل المشهور بالصلاح والعلم، والسمعة الطيبة، والذِّكر الحسن، وإمَّا أن يكون محذورًا منه وغير مرغوب فيه إذا كان ذلك للتباهي والتنافس والشهرة.

الدين: “فاظفر بذات الدين تربت يداك”، ومعنى ذلك الدعاء عليه بالفقر إن لم يحرص على ذات الدين التي تعينه على دينه، وتحفظه في دنياه على نفسه وماله. والرجل البصير هو الذي يجمع عند النظر إلى مخطوبته رؤية شاملة لمستقبل هذه المرأة وقدرتها على تربية الأولاد وصلاحهم، وقدرتها على مشاركته في تحقيق أهدافه وآماله وطموحاته في الحياة؛ لأنه يختار أُمًّا لأولاده، ونسبًا لهم، وأهم من ذلك كله أنه يدخل شريكًا جديدًا بين أسرته، ويختار جزءًا مكمِّلًا له، وزوجًا مشابهًا له؛ قال تعالى: ” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ” الروم: 21.