إن الله خلق الخلق فأحصاهم عدداً وقسم أرزاقهم وأقواتهم فلم ينسى منهم أحداً رزق الطير في الهواء ورزق الحوت في الماء ورزق الحية في العراء ورزق الوحوش في الصحراء ورزق الدود في الصخرة الصماء ورزق النملة الصغيرة السوداء ” وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ “. ذكر ابن الجوزي رحمه الله أن رجلاً رأى عصفوراً يأتي كل يوم بقطعة لحم فيضعها على رأس نخلة ثم يرحل فتعجب الرجل من هذا العصفور إذ أن العصافير لا تعشعش في النخل فتسلق النخلة فوجد حية عمياء على رأس النخلة يأتيها هذا العصفور بهذا اللحم فإذا اقترب منها فتحت فمها فيلقيه في فمها ثم يرحل فسبحان الله الرزاق ” إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ – أي كثير الرزق – ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ” بل هو سبحانه وتعالى خير الرازقين ” قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ “. ويذكر ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية أن أبا الحسن النحوي رحمه الله كان يأكل مع بعض أصحابه فجاء قط فرموا له شيئاً فأخذه وذهب سريعاً ثم أقبل مرة ثانية فرموا له شيئاً فأنطلق به سريعاً ثم أقبل مرة ثالثة فرموا له شيئاً فأنطلق به سريعاً ثم أقبل فعلموا أنه لا يأكل هذا كله فتبعوه فإذا به يذهب به إلى قط آخر أعمى في سطح هناك فتعجبوا من ذلك فقال أبو الحسن رحمه الله يا سبحان الله هذا حيوان بهيم قد ساق الله إليه رزقه على يد غيره أفلا يرزقنا ونحن نعبده ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ “. وكان أحد الناس لديه مزرعة صغيرة مشترك فيها هو وإخوانه الثلاثة قال فكانت السماء إذا أمطرت حرثنا هذه الأرض فتخرج لنا أربعمائة مد يعني على عددهم لكل واحد منهم مائة مد فمات أخوهم الكبير قال ففي السنة التي مات فيها لم تنتج لنا إلا ثلاثمائة مد وبعد سنوات مات أحد إخوانه فلم تنتج إلا مائتي مد وصدق الله جل جلاله إذ يقول ” اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ “.
من موقع إسلام أون لاين