يزخر تاريخنا الإسلامي بأسماء نساء خالدات، تركن بصمات مضيئة في سجل البطولة. بين صفحات هذا التاريخ، تبرز قصة امرأة حيّرت المؤرخين وأثارت جدل الباحثين قديماً وحديثاً ومن هؤلاء خولة بنت الأزور الفارسة التي نُسجت حولها ملاحم البطولة والشجاعة، حول حمى مكة المكرمة، وتحت ظلال بيت الله الحرام، أبصرت خولة بنت الأزور النور لأول مرة. ولدت لأسرة عربية أصيلة تنتمي إلى بني أسد، وكانت أختاً لفارسٍ مغوار عرفه التاريخ باسم ضرار بن الأزور. نشأت خولة في بيئة عربية أصيلة، تعلمت فيها فنون الفروسية وآداب القتال، إلى جانب ما عُرفت به من فصاحة اللسان وقوة البيان. تروي كتب التاريخ أن خولة أسلمت مع أخيها بعد فتح مكة، وكان إسلامها نقطة تحول في حياتها. فنذرت نفسها لله، وقررت أن تكون سيفاً من سيوف الإسلام. كانت تجيد ركوب الخيل وتتقن فنون القتال، وعُرفت بذكائها الحاد وحنكتها في المعارك. حين هب المسلمون لفتح بلاد الشام، كانت خولة في طليعة النساء المجاهدات. خرجت مع أخيها ضرار الذي اختاره خالد بن الوليد قائداً على خمسة آلاف من المجاهدين. وهناك سطرت – حسب الروايات – أروع ملاحم البطولة والفداء. من أشهر مواقفها البطولية تلك القصة التي تروى عن إنقاذ أخيها من الأسر. فحين وقع أخوها ضرار في قبضة الروم بعد معركة طاحنة، لم يغمض لخولة جفن. فتنكرت في زي فارس، وامتطت صهوة جوادها، وانطلقت تشق صفوف الأعداء. مرهبة نفوس المقاتلين، لشدة بأسها وقوة عزيمتها. لم يكتشف أحد حقيقتها حتى اقترب منها خالد بن الوليد رضي الله عنه مستفسراً عن هوية هذا الفارس المغوار. عندها كشفت عن شخصيتها في حياء، قائلة: “أيها الأمير، إني لم أعرض عنك إلا حياءً منك، فأنت أمير جليل وأنا من ذوات الخدور وبنات الستور. وإنما حملني على هذا أنني محرقة الكبد على أخي ضرار”.