أحقًّا انتصفَ الشهرُ؟ وهلْ فعلًا أوشكَ على الذهابِ؟ إننا بحقٍّ نحتاجُ أنْ ندققَ في حساباتنا ونراجعُ أعمالنا. هلْ ما مضى منَ الأيامِ كافٍ بما أودعناهُ منْ عملٍ؟ فهلْ يا ترى لم تفتنا فيهِ فريضةٌ في بيوتِ اللهِ؟ كمْ مرةً ختمنا كتابَ اللهِ؟ كمْ منَ الساعاتِ قضيناها في انتظارِ الصلواتِ أوْ بعدهُ منْ أوقاتٍ؟ هلْ للعمرةِ نصيبٌ منْ أعمالنا؟ صدقتكَ وبركَ، هل كانتْ جديرةٌ بما أفاءَ اللهُ عليكَ منْ نعمةٍ وثراءٍ؟ أسئلةٌ كثيرةٌ قدْ لا تروقُ للبعضِ؛ لأنها ستوقعهُ في شيءٍ منَ التأسفِ والتحسرِ ووخزِ الضميرِ جراءَ تفريطهِ وتساهله. هلْ منْ مراجعةٍ وتصحيحٍ لإدراكِ الفوزِ بهذا الشهر. إنْ كنتَ محسنًا، وهذا هوَ الظنُّ، فزدْ إحسانكَ وضاعفْ جدكَ ونشاطكَ وإنْ كنتَ غيرَ ذلكَ وفوتَّ على نفسكَ الفرصَ في أولهِ وأوسطهِ، فعاودِ الكرةَ ثانيةً؛ فإنَّ البابَ ما زالَ مفتوحًا. وإنْ مضى منْ رمضانَ صدرهُ، وانقضى منهُ شطرهُ، فإنَّ الحبلَ لمْ ينقطعْ بعدُ، والرجاءُ لمْ يخبْ فإنْ كانَ ذهبَ أكثرهُ فقدْ بقيَ أفضلهُ. إنَّ البعضَ ربما تحمسَ في أولِ الشهرِ فأخذَ منَ الأجورِ بحظٍّ وافرٍ وأعطى منْ وقتهِ وجهدهِ ما استطاعَ لنيلِ أكثرِ الفرص. لكنْ ربما أصابهُ المللُ بعدَ ذلكَ، وفترَ حماسهُ، وقلَّ نشاطهُ، فلمْ يشعرْ بما كانَ عليهِ في أولهِ فنقولُ لهُ: إنَّ الخيلَ الجيادَ أشدُّ ما تكونُ قوةً وحماسةً عندَ إبصارها النهايةَ. لنواصلَ العطاءَ معَ ربِّ العالمينَ ونسألهُ العونَ والتمكينَ إننا عندما نتذكرُ أجرَ الصيامِ وفضلَ القيامِ، ونطيلُ التفكيرَ في أحوالِ الرجالِ الأفذاذِ في القديمِ والحديثِ ممنْ سطروا لنا نماذجَ رائعةً في قوةِ عبادتهمْ، وتجددُ طاقتهمْ وإخلاصهمْ لربهمْ؛ ليبعثَ في نفوسنا الحماسَ، ويجددُ طاقتنا لنواصلَ العطاءَ معَ ربِّ العالمينَ في هذا الشهرِ.
نعمْ، رحلَ النصفُ الأولُ، ولئنْ كنا فرطنا فلا ينفعُ ذواتنا بكاءٌ ولا عويلٌ، وما بقيَ أكثرُ مما فاتَ، ولنُريَ اللهَ منْ أنفسنا خيرًا، فاللهَ اللهَ أنْ يتكررَ شريطُ التهاونِ، وأنْ تستمرَّ دواعي الكسلِ، فلقيا الشهرِ ثانيةً غيرَ مؤكدةٍ، ورحيلُ الإنسانِ مُنتظرٌ.
من موقع وزارة الشؤون الدينية