من فضائل شهر رمضان أن الدعاءَ مستجابٌ فيه، فالصائمُ منكسرٌ قلبُه ضعيفةٌ نفسه، مُقبلٌ ومتذللٌ وخاضع ومفتقرٌ لله تعالى، وهذه كلها من موجبات قبول الدعاء. ومن معاني هذا الشهرِ العظيم وخصائصه، أنه شهرُ الدعاء، حيث وردت آيةُ الدعاء في ثنايا آيات الصيام، بل وردت بطريقة السؤال والجواب، وفي ذلك تنبيهٌ للأذهان وإشارةٌ إلى الإهتمام بها، ولفتٌ للأنظار إليها، مع أنه سبحانه في جميع الآيات التي فيها سؤالٌ للنبي صلى الله عليه و سلم جاءت بصيغة ” يسألونك “، أما هذه الآية قال سبحانه وتعالى: ” وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ” البقرة: 186. والآيةُ تشير لأهمية عبادة الدعاء، وتزدادُ قيمتُها والإهتمامُ بها في شهر رمضان المبارك، كما أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ” ثَلَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ: دَعْوَةُ الصَّائِمِ، وَدَعْوَةُ الَمظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الُمسَافِرِ ” صحيح الجامع. ومن رحمة الله بعباده، أن جعلَ لهم دعوةً مستجابةً في كل يوم وليلة من رمضان أي على مدار أربع وعشرين ساعة ليس وقتَ الإفطار فحسب، وهذا فضلٌ عظيمٌ من رب العالمين. وللدعاء ثمارٌ عديدةٌ ومنافعُ فريدة، وتأثيره عجيبٌ وسهمهُ سديد، في كشفِ الضرِّ ودفعِ البلاء وجلبِ النفع، بشرط الاستحضارِ وعدمِ الإعتداء وتحقيقِ شروط الإستجابة. فاجعل لنفسك دعاء مختصرًا فيه كل ما تتمنى من خيري الدنيا والآخرة، وكرر هذا الدعاء كثيرا، لعله أن يصيب ولو مرة خلال عمرك وقت إجابة فتفلح في الدنيا والآخرة. إن الدعاء حبلٌ متين وكنزٌ ثمين، وعروةٌ وُثقَى وصِلةٌ ربانيَّة، وسلاحُ من لا سلاح له. وهو عدو البلاء يدافعه ويعالجه ويمنع نزوله ويرفعه أو يخففه إذا نزل. والدعاء عبادةٌ؛ لأنَّه تذلُّلٌ وخُضوعٌ وافتقارٌ والتجاءٌ إلى الله.
من موقع وزارة الشؤون الدينية