سلامة الصدر وخلوُّه من الحقد والحسد هي خَصلة من خصال البر التي ينبغي للعبد أن يحرص عليها؛ لما فيها من الفضائل والأجر؛ ومنها ما ثبت أن صاحب القلب السليم هو من خير الناس وأفضلهم؛ وقد سُئل صلى الله عليه وسلم: أي الناس أفضل؟ فقال عليه الصلاة والسلام: “كل مخموم القلب، صدوق اللسان، قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: هو التقي النقي، لا إثم فيه، ولا بغي، ولا غل، ولا حسد”. ومن الفضائل أن سلامة الصدر من الأسباب الموجبة للجنة، كلكم تعرفون قصة الرجل الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم: “يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة، فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته ماءً من وضوئه، معلق نعليه في يده الشمال، تكرر ذلك ثلاث مرات في ثلاثة أيام، فتبعه عبد الله بن عمرو بن العاص، وبات عنده ثلاث ليال، ثم قال له: لم أرك تعمل كبير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي غلًّا لأحد من المسلمين، ولا أحسده على خير أعطاه الله إياه”. فإليكم بعض الأسباب التي من أخذ بها وحرص على تطبيقها بعد حول الله جل وعلا، عاش حينها سليم الصدر طيب النفس؛ من هذه الأسباب:
أولًا: حسن الظن بالآخرين، وحمل الكلمات والمواقف التي تصدر منهم على أحسن المحامل؛ قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًّا، وأنت تجد لها في الخير محملًا”، وقال الشافعي: “من أراد أن يقضي له الله بخير، فليحسن ظنه بالناس”.
ثانيًا: الدعاء والإكثار من سؤال الله؛ فإنه من أعظم الأسباب لتحقيق المقصود وسلامة الصدور؛ ولقد كان من دعاء نبيكم عليه الصلاة والسلام أنه قال: “وأسألك قلبًا سليمًا”، فاحرصوا على الدعاء بسلامة الصدور من أمراضها، وجنبوها الحقد والحسد، فمن رزق الدعاء فإن الإجابة معه.
ثالثًا: التماس الأعذار، والتغاضي عن الزلات والهفوات، هذا كله من الأسباب الجالبة لسلامة الصدور؛ يقول أحد السلف: “التمس لأخيك المسلم سبعين عذرًا، فإن لم تجد فلعل له عذرًا لا تعلمه”، ويقول ابن سيرين: “إذا بلغك عن أخيك شيءٌ فالتمس له عذرًا، فإن لم تجد فقل: لعل له عذرًا لا أعرفه”.