الجُودُ هو كثرة العطاء من غير سؤالٍ للناس، والتعفُّف عمَّا لديهم، وبمعنى آخر: هو بذل الكثير وإبقاء القليل. والجود من أشرف الصفات، وهو يأسر النفوس، ويُطيِّب القلوب، والمُسلم جَوادٌ بما جُبِل عليه من فطرةٍ سليمة، وحين يُعطِي المسلمُ فإنه يأتمر في ذلك بأمر دينه وعقيدته، ويهتدي بهدي النبيِّ صلى الله عليه وسلم. والجُود أنواعه كثيرة: أعظمه الجود ببذل الروح في سبيل الله تعالى؛ لتكون كلمة الله هي العليا، وكذا الجود بالعلم، والجود بالجاه، والجود بالمال، والجود بالعِرض، والجود بالصبر والاحتمال والتغافل، والجُود بالخُلُق، وغير ذلك. وأجودُ الناس هم الأنبياء، وجودهم لا حدَّ له، وأجودهم هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان يُعطي عطاءَ مَنْ لا يخشى الفقر، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ” رواه البخاري ومسلم.
قال ابن عثيمين رحمه الله “كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس بمالِه، وبدنِه، وعلمِه، ودعوتِه، ونصيحتِه، وكلِّ ما ينفعُ الخَلْقَ، وكان أجودُ ما يكون في رمضان؛ لأنَّ رمضانَ شهرُ الجُود، يجودُ اللهُ فيه على العبادِ، والعِبادُ المُوَفَّقون يَجُودون على إخوانهم، واللهُ تعالى جوادٌ يُحِبُّ الجُودَ، وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريلُ فيُدارسه القرآن أجودَ بالخير من الرِّيح المُرسَلة، أي: أنه يُسارع إلى الخير عليه الصلاة والسلام ويَجُودُ به حتى إنه أسرع من الرِّيح المُرسلة، يعني: التي أرسلها اللهُ عز وجل، فهي سريعة عاصِفَةٌ، ومع ذلك فالرسولُ صلى الله عليه وسلم أجودُ بالخير من هذه الريح في رمضان”، واللهُ تعالى جَوادٌ يُحِبُّ الجُودَ وأهلَه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إنَّ اللَّهَ تعالى جَوَادٌ يُحِبُّ الجُودَ، وَيُحِبُّ معَالِيَ الأَخْلاقِ، وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا” رواه البيهقي.