أكد المشاركون في يوم تحسيسي حول “الطفل ومواقع التواصل الاجتماعي” بوهران على ضرورة المراقبة الأبوية للمحتوى الذي يتصفحه الطفل على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي ذات السياق، أبرزت الدكتورة نجاة لجداري باحثة دائمة في مركز البحث العلمي والتقني في علم الإنسان الثقافي والاجتماعي (كراسك) لوهران ومختصة في علوم الإعلام والاتصال خلال هذا اللقاء المنظم بالمدرسة الابتدائية “المجاهد بوهدبة إبراهيم” ببلدية سيدي الشحمي أهمية “مراقبة الأولياء لمحتوى هذه الصفحات” خاصة مواقع الألعاب “المحرضة على العنف والكراهية”.
ودعت الدكتورة لجداري المتحدثة الأولياء إلى تحديد ساعات إبحار الطفل أمام اللوحات وأجهزة الإعلام الآلي وعدم الجلوس طويلا أمام هذه الأجهزة لما لها من أضرار نفسية وذهنية وجسدية على غرار تفاقم آلام الرأس والظهر والانطواء والعزلة وغيرها، مبرزة أهمية استعمال التطبيقات خصوصا بالهواتف الذكية التي تحجب المواقع غير المرغوب فيها.
وشددت على أهمية تنظيم حملات تحسيسية وتوعوية بالمؤسسات التربوية للأطوار التعليمية الثلاث بالتنسيق مع جمعيات أولياء التلاميذ وأخرى إعلامية بمشاركة الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية حول مخاطر وأضرار مواقع التواصل الاجتماعي.
من جهته، أكد ممثل مدير التربية الوطنية عيسى لعلى مفتش التربية والتعليم الابتدائي بمقاطعة حي “الصباح” على ضرورة التفاف المربين من معلمين وأساتذة وكذا الأولياء لحماية الأطفال من مخاطر الأنترنت ومراقبة محتوى الصفحات التي يتابعونها.
وبدورهم أبرز ممثلو مصالح الأمن الولائي والدرك الوطني بأنه يتعين على الأطفال خصوصا في الطور الابتدائي تصفح مواقع التواصل الاجتماعي بمساعدة مختص أو ولي، وذلك لتجنب ولوج المواقع غير المرغوب فيها، داعين الأولياء إلى ضرورة حماية ومرافقة الأطفال في ولوج العالم الافتراضي.
وستتواصل فعاليات هذه الحملة التحسيسية حول “الطفل ومواقع التواصل الاجتماعي” المنظمة على مدار ثلاثة أيام بمبادرة من المديرية الولائية للتربية، بتقديم نصائح وإرشادات حول مخاطر الأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بكل من متوسطة “ابن قدور قادة” وثانوية “شلالي خديجة” بوهران.
الأولياء المسؤول الأول على مراقبة أبنائهم
لعل حجة الأولياء في أنهم لا يستطيعون التحكم في أولادهم في هذا العصر هي من ضخمت الأمر وأصبح الأولياء خلال أيامنا هذه لا يستطيعون السيطرة على الأبناء، وإذا تمكنوا من ذلك داخل البيت، فإن مقاهي الأنترنت وبيوت الجيران والأقارب والأصدقاء سحبت البساط من جانب آخر، وكثيرًا ما لا يُجدي الكلام أو محاولات التضييق عليهم بالنفع .
أكدت السيدة “مريم” ربة بيت وأم لثلاثة أطفال: “فشلت كل محاولات السيطرة على أبنائي، فإذا منعتهم من استخدام الكمبيوتر في البيت هرولوا إلى مقاهي الأنترنت التي يمتلئ بها الحي الذي نقطن فيه، وأجدهم يتشاجرون فيما بينهم على لعبة فيها بيع وشراء عرفت بعد ذلك أنها تدخل في دائرة الألعاب المحرمة شرعًا، والمشكلة الحقيقية ليست في تعريف الأطفال بمدى خطورة تعلقهم بالأنترنت، ولكن في مدى معرفة أولياء الأمور أنفسهم بهذا الخطر؛ فوعي الأب والأم بخطورة الأنترنت تتحدد على أساسه كيفية تعاملهم مع الأبناء”.
في حين تقول “سمية”: “كان لي تجربة جيدة مع أبنائي الثلاثة؛ وذلك من خلال وعيي بحجم هذه المشكلة، فقد قررت ألا يستخدم الأبناء الكمبيوتر سوى يوم واحد فقط في الأسبوع وهو يوم الإجازة الأسبوعية كنوع من الترفيه، وهذا قصد جعل لديهم حافز للانتهاء من واجباتهم المدرسية، وكان هذا يتم خلال فترة الدراسة، أما في فترة الإجازة الصيفية فالأمر يختلف نتيجة لاتساع وقت الفراغ لديهم؛ لذا حرصت على تقسيم اليوم ما بين ممارسة هواياتهم في أحد مراكز الشباب وبين مساعدتي في المنزل ومشاهدة الكمبيوتر؛ مع العلم أنني أقوم باستمرار بمراقبة المواقع التي يتصفحونها، وبذلك حاولت عمل توازن حتى لا يقضي الأبناء كامل وقت فراغهم أمام النت”.
وترى “نسيمة” أخصائية تربوية أن أسلوب منع الأطفال من مشاهدة الأنترنت أو حتى تحديد أوقات للمشاهدة لن يحل مشكلة إدمان الأطفال للأنترنت، ولكنها تنصح بإيجاد بدائل وأنشطة تمنح الطفل المتعة كالتي يشعر بها الطفل عند جلوسه أمام الأنترنت مثل ألعاب الفك والتركيب مثلاً، أو إحضار لعبة جديدة كل شهر تشغلهم عن التفكير في استخدام الأنترنت.
وفي نفس السياق، أكدت نفس المتحدثة أن منظمة “أنقذوا الأطفال” وهي منظمة عالمية تُعنى بشؤون الأطفال، قامت بإجراء دراسة كشفت من خلالها أن تكنولوجيا الاتصال الحديثة خلقت جيلاً من الأطفال يعاني من الوحدة وعدم القدرة على تكوين صداقات.
إدمان الطفل على الأنترنت من أهم أسباب عزلته
تعتبر الأنترنت إحدى وسائل الاتصال الحديثة التي يتعرض لها الأطفال دون مشاركة من الكبار على عكس وسائل الإعلام التقليدية الأخرى مثل التلفزيون، لذا لابد من التنبيه إلى أهمية الحوار الودي والتفاهم بين الآباء والأبناء وتعريفهم بما يمكن أن يصلهم من محتوى غير لائق، كما ينصح بوضع جهاز الكمبيوتر في مكان غير معزول حتى يمكن مراقبته بسهولة وملاحظة قائمة العناوين المخزنة به وفتح موقع الذاكرة الذي يحتوي على مواقع الأنترنت لمعرفة إذا ما كان الطفل يزور بعض المواقع الضارة، ولكن بشرط عدم الإخلال بحق الأبناء في الخصوصية التي من شأنها تدعيم الثقة المتبادلة بين أفراد العائلة والتأكد من تفهم الأبناء لذلك من خلال المناقشة الموضوعية.
وإدمان الطفل للأنترنت قد يؤثر على أشياء أخرى في حياته مثل الأنشطة الرياضية والعادات الغذائية الصحية وفقد القدرة على التواصل مع العالم من حوله، مما يعزز من إحساس الطفل بالوحدة التي تصل إلى حد العزلة الاجتماعية.
كما يعمل الأنترنت على إضعاف شخصية الطفل، ويجعله يعاني من غياب الهوية، نتيجة تعرضه للعديد من الأفكار والمعتقدات والثقافات الغريبة على المجتمع، كما تساعد الأنترنت على زيادة العدوانية في سلوك الأطفال وذلك بسبب ممارسة الألعاب العنيفة أو مشاهدة الصور والأفلام التي تروج للعنف، إضافة إلى أنها تؤثر في سلوك وأخلاقيات الطفل، فالأنترنت يتيح له ألعابا قد تؤثر على الطفل أخلاقيا كلعبة القمار، كما تسهم الأنترنت سلباً في تفكير الطفل وشخصيته، من خلال انتشار مجموعة من المواقع المعادية للمعتقدات والأديان، وكذلك المواقع الإباحية والتي تؤثر مشاهدتها في السن المبكر ليس فقط على نمو فكر الطفل، بل أيضا على سلوكياته وتصرفاته مع الآخرين.
ل.ب