عرف المعرض الولائي للمرأة المنتجة الماكثة بالبيت بالجزائر العاصمة “مشاركة متميزة” لسيدات حرفيات تحدين الكثير من الصعوبات من خلال اكتسابهن لمهارات حرفية في عدة مجالات، فيما تقاسمت غالبيتهن هاجسا واحدا هو غياب “فضاءات تسويقية” مستقرة لمنتجاتهن.
وأجمعت غالبية المشاركات في الطبعة السادسة لهذا المعرض الولائي الذي أقيم على مستوى المركز الثقافي مصطفى كاتب بالجزائر العاصمة الذي أقيم نهاية الأسبوع المنقضي، أن تنظيم مثل هذه المعارض يمكنهن غالبا من التقرب من الجمهور العام، لكن دون أثر على المدى الطويل، لغياب الفضاء التسويقي الحقيقي والدائم لبيع منتجاتهن المختلفة.
منتجات إبداعية تبحث عن الفرص
واختزلت عن ما يناهز 20 مشاركة في هذا المعرض، الآنسة قاسي نهى، خريجة معهد التكوين المهني بواد قريش وحرفية في الفنون التشكيلية والرسوم الفنية، الصعوبات التي تواجهها هذه الفئة بالقول “إن سوق الشغل أو فرص تسويق المنتجات التقليدية بالنسبة لهن شبه منعدمة”، مؤكدة أن مبيعاتها تنحصر في محيطها الضيق ولا تتعداه إلا في “حالات نادرة”.
وبالرغم من كونها من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، تسعى “نهى” لتحسين مهارتها الفنية وتنويعها، من أجل دعم فرصها في ولوج عالم الشغل وتحقيق مورد مالي ثابت، وهو نفس ما تسعى إليه السيدة بن جدو عائشة، حرفية في فنون الطرز والخياطة، والتي بالرغم من معاناتها مع داء سرطان الثدي إلا أنها “تحتفظ بطاقة مشعة وأمل في غد أفضل”.
وتقول السيدة بن جدو إن آمالها معلقة على الحصول يوما ما على محل يمكنها من تحقيق استقلاليتها وضمان فرص تحقيق مبيعات أكبر، متحدثة في ذات السياق عن غلاء أسعار المواد الأولية المستعملة في حرفتها، وهو المشكل الآخر الذي طالبت جل المشاركات السلطات المعنية بأخذه بعين الاعتبار لمساعدتهن في تطوير مهارتهن.
واستطاعت فريدة دراج (40 سنة) وهي أرملة من بلدية عين بنيان بعد 10 سنوات من العمل كخياطة أن تتخطى جدران البيت بأعمالها بعد استفادتها من مبادرات المديرية وتعرفها على كيفيات التسويق والتواصل مع الزبونات وكذا استغلال موقع الفايسبوك للترويج لخدماتها.
وشاركت بدورها صانعة الحلويات التقليدية اسمهان سفراني من بلدية عين طاية، في برنامج (جسدي مشروعك) منذ عامين. وقالت إنها تمكنت من مواصلة تكوينها و الحصول على شهادة كفاءة مهنية وهي تتنقل بفضل فضاءات العرض الموفرة لها لتوسيع شبكتها المهنية.
وأقرت السيدتان بدر نعيمة المختصة في صناعة المربى من بئر توتة وبلحرشاوي فرحناز حرفية في تزيين الفخار، أن نشاطهما المتزايد بات يستلزم مساحة أكبر من أجل العمل وكذا تخزين بعض الطلبات. وهو المطلب الذي لمسته “واج” لدى العارضات اللائي أجمعن على “الاستقلالية في فضاء الابداع والانتاج”.

خلايا جوارية لمساعدة الحرفيات الماكثات بالبيت
من جهتها، قالت السيدة شحمة سلمى، اطار بقسم العائلة والتلاحم الاجتماعي لدى مديرية النشاط الاجتماعي والتضامن لولاية الجزائر، إن تنظيم مثل هذه المعارض يأتي بغرض توسيع شبكة علاقات الحرفيات الماكثات بالبيت وتقديمهن للجمهور، إلى جانب محاولة إدماجهن في عالم الشغل عن طريق تقريبهن من مختلف الهياكل وتعريفهن بمختلف الآليات المتوفرة التي تساعدهن على خلق مؤسساتهن.
وقالت المتحدثة إنه يتم توجيه هذه الفئة غالبا نحو مختلف تلك الهياكل عن طريق الخلايا الجوارية التضامنية الموزعة عبر خمس مقاطعات بإقليم ولاية الجزائر، مضيفة أنه يمكن للسيدات التقرب من بلديات اقامتهن للتعرف أكثر على هذه الخلايا والمتواجدة عبر كل من بلديات باش جراح والمرادية و الشراقة وواد قريش والكاليتوس.
وأضافت المتحدثة أن مديرية النشاط الاجتماعي استحدثت مؤخرا شكلا آخرا من أشكال الإعانة المقدمة للحرفيات الماكثات بالبيت واللواتي لا يملكن أي مدخول أو مصدر عيش، ويتمثل هذا الإجراء في منح المعنيات تجهيزات ومعدات تتناسب وطبيعة الحرفة أو الصناعة التقليدية التي يبرعن فيها.
وفي هذا الإطار تم منح مؤخرا 18 إعانة كدفعة اولى لسيدات مختصات في الطرز و تجهيز الحلويات والأكلات التقليدية، في انتظار أن تشمل هذه المبادرة عينة أكبر.
وعادت المعنية للتأكيد أن تنظيم معرض المرأة المنتجة للبيت سيتواصل خلال الأسابيع المقبلة وإلى غاية نهاية السنة الجارية، من أجل ضمان فرص مشاركة أكبر للسيدات اللواتي يبحثن عن فرص للتعريف بمهارتهن واكتساب خبرة التسويق وعرض منتجاتهن أمام الجمهور العريض.
شهادات تكوينية لخلق الفرص
يشار إلى أن عديد السيدات اللواتي اكتسبن مهارات حرفية في مجالات مختلفة دون المرور عبر مراكز التكوين أو جمعيات، تمكن من الحصول على شهادات تكوينية حسب مجال تخصصهن عن طريق نمط “التكوين عن طريق التمهين” المتوفر عبر مختلف مراكز التكوين المهني بالولاية.
وفي هذا السياق، وفرت مؤسسات هذا القطاع خلال الدخول المهني المنصرم (29 سبتمبر) 1980 منصبا تكوينيا لفائدة المرأة الماكثة في البيت، ولازالت الفرصة متاحة في الوقت الراهن إثر تمديد فترة التسجيلات للموسم المهني الجاري وذلك إلى غاية 15 أكتوبر الجاري.
وتمكن هذه الشهادات حامليها من الاستفادة من مختلف انماط المساعدة لاستحداث مؤسسات مصغرة قد تكون السبيل لفتح آفاق جديدة في عالم المرأة الماكثة بالبيت.