بمجرد بداية العطلة الشتوية.. حركة غير اعتيادية في محطة النقل البري بخروبة

بمجرد بداية العطلة الشتوية.. حركة غير اعتيادية في محطة النقل البري بخروبة

مع بداية العطلة الشتوية، دبت حركة غير اعتيادية في محطة المسافرين بالخروبة، حيث لا تزال التقاليد الراسخة في الذهنية الجزائرية موجودة في أجندة الجزائريين، خاصة الذين اعتادوا السفر وتنظيم رحلات للولايات الداخلية أو ما نطلق عليه في العادة “البلاد” من أجل زيارة الأهل والأقارب إضافة إلى إرضاء الأبناء الراغبين في التغيير، وهو ما يخلق حركية غير معتادة على مستوى محطة النقل البري بالخروبة.

تنقسم برامج العائلات الجزائرية خلال العطلة إلى ثلاث برامج لا رابع لها، حيث يفضّل بعض الأبناء قضاء العطلة في الاسترخاء أمام التلفاز أو اللعب بـ “الطابلات”، في حين هناك من اختار زيارة الأقارب سواء في العاصمة أو المدن المجاورة ولكن بمحدودية، خاصة أن معظم الآباء الذين التقيناهم موظفون لا يمكنهم تحمل أعباء السفر إلى ولايات أخرى إلا لبضعة أيام.

 

“البلاد” قبلة العائلات البسيطة

يعرف الجزائريون ومنذ مدة طويلة السفر إلى الولايات الداخلية، كلٌ إلى المكان الذي تعود إليه جذوره وأصوله، وهو ما يُطلق عليه الجزائريون “البلاد”، ولهذا السبب تشهد محطة النقل البري بالخروبة حركية غير اعتيادية خلال هذه المناسبات، وحول هذا الموضوع، يقول السيد “سمير” أب لأسرة، تتكون من ثلاثة أبناء، إنه اعتاد أن يأخذ أبناءه إلى “البلاد” للاستمتاع بالجو هناك، خاصة أن الميكانيزمات الخاصة بالمدن الداخلية من الناحية الطبيعية مشجعة جدا، كما أنها تدخل في نطاق البحث عن الدفء العائلي الذي أصبح مفقودا اليوم، وهو ما يرغب في تعويد أبنائه عليه.
لكن أضاف أن المعطيات الحالية صعبت من المهمة خاصة مع  توقيت وأيام العطل الذي يعيق مخططات الأولياء الذين يمتلكون قناعات راسخة باستغلال أيام العطل المدرسية لصالح الأبناء خاصة الموظفين منهم، ناهيك عن تقليص مدة العطلة وما رافقه من ضيق الوقت، ليبقى العائق الوحيد الذي يعكر صفو الأولياء خاصة الموظفين، بالنظر إلى عدم توافق أيام عطلة أبنائهم مع عطلتهم، ولكن، حسب ذات المتحدث، هناك متنفس آخر، وهو عطلة نهاية السنة الذي يمكن استغلاله للتمتع مع الأبناء، وهو ما يسهل انصياع معظم الأولياء ورضوخهم للأمر الواقع ومتطلبات الأبناء والهجرة إلى المدن ولو في نهاية الأسبوع والعودة مرة أخرى.

أما “مريم” 10 سنوات، والتي تقطن بالعاصمة، قالت إنها تنتظر عطلة الشتاء بفارغ الصبر لقضائها في “البلاد” عند جدتها لأمها، والاستمتاع بالجو مع بنات أخوالها وخالاتها وجدتها التي تعدّ لها كل ما تهواه من مختلف الأكلات من الشخشوخة والأكلات التقليدية المعروفة بالمنطقة، إلى جانب الحلويات المتنوعة،وهو ما اعتادته منذ طفولتها.

 

الرحلة البرية… نسمة من عبق الماضي

ويبقى السفر إلى “البلاد” مرادفا لزيارة بيت الجد وهو ما لمسناه من خلال الانطباعات التي جمعناها من مختلف الأشخاص، وهو  أهم ما يتقاسمه جل أبنائنا خلال العطل المدرسية، حيث تفضل غالبية الأمهات التنقل إلى منازل أوليائهن لقضاء أيام العطلة التي تكون لصالحهن في المقام الأول، بعد أن يكن قد انقطعن عن المبيت في البيت العائلي بسبب ظروف تمدرس أبنائهن، هذا بالنسبة للسيدات الماكثات في البيت، أما المرأة العاملة فالحديث عنها مختلف تماما لأنها غالبا ما تحرم من العطلة لقضائها مع أبنائها، أما “زهية” فكان حديثها ينصب في مجال رحلة السفر التي تنقلها من العاصمة إلى مستغانم على متن الحافلة، التي تعتبرها ممتعة جدا، فالمسافة التي تزيد عن  300كلم يشوبها نوع من المتعة غير المنتهية بالنظر إلى الطبيعة والأشجار والمروج المحيطة بها والمدن التي تعبر من خلالها الحافلة، مرورا من تيارت، سيدي بلعباس وتنس وغيرها من مدن الغرب الجميلة، فهي تفضل المرور على المدن بدل الطريق السريع الذي اختصر المسافة وحدّ من المتعة فيها.

عدد المسافرين يتضاعف في عطلة الشتاء

قال مدير بالنيابة لمحطة الخروبة، إن المحطة البرية للخروبة قامت بتسخير إمكانيات هائلة ووضعتها تحت تصرف المواطنين لضمان سهولة تنقل العائلات نحو مختلف الولايات، حيث تم تسطير أزيد من ألف رحلة يوميا نحو كل ولايات الوطن، مضيفا أن هذا العدد مرشح للارتفاع مع العطل المدرسية، فالإجراءات المتخذة بمحطة الخروبة لقيت استحسان المسافرين على اختلاف وجهاتهم، حيث عبر عدد منهم عن ارتياحهم لظروف السفر وتجهيز الحافلات بمختلف المستلزمات، بالإضافة إلى تنظيم أوقات الاستراحة خلال السفر، لتناول وجبات الأكل في المطاعم المتخصصة في مثل هذا النوع من الرحلات، حيث تتوقف كل حافلة في المطعم المخصص للوجهة المحددة سواء من الشرق أو الغرب الجزائري.

الاستقرار الأمني ساهم في انتعاش الحركة
هذا، وقال ذات المتحدث، إنه يتوقع أن يتضاعف عدد المسافرين خلال العطلة الشتوية، فبعدما كان المعدل اليومي يصل إلى 50 ألف مسافر، فالعدد مرشح للارتفاع، إلى جانب عدد الرحلات التي كانت تصل إلى 300 رحلة يوميا، فإن العدد مرشح للارتفاع بالضعف خلال عطلة الشتاء إلى جانب الأخذ بعين الاعتبار الاحتياطات الأمنية اللازمة.
وعن التوقيت المحدد لمختلف الرحلات، أكد مدير الوقاية والأمن بمحطة الخروبة، أن الاستقرار الأمني الذي تشهده البلد ساعد على انتعاش حركة السفر عبر الطرقات، فالمسافر اليوم يستطيع أن يسافر في أي وقت ليلا أو نهارا وفي ساعات متأخرة من الليل، مقارنة مع العشرية السوداء التي عاشتها الجزائر، إلى جانب تجديد حظيرة الحافلات للنقل البري من خلال القروض التي منحت للشباب لاقتناء الحافلات.

لمياء.ب