أكدت الدكتورة شهيناز حاج سليمان، رئيسة الجمعية الجزائرية لطب الإنجاب، في تصريح خلال فعاليات لقاء علمي حول العقم بالجزائر، أن 55 بالمائة من النساء الجزائريات اللواتي يعانين من مشكل عدم الإنجاب لا يلجأن للعلاج بالتلقيح الاصطناعي إلا بعد سن الـ35، في الوقت الذي يعتبر السن عاملا رئيسيا حاسما، حسب المتحدثة، التي أكدت أنه كلما كان التشخيص مبكرا كلما كانت للزوجين فرص أكبر للإنجاب.
تحوّل إنجاب طفل لدى عديد الأزواج الجزائريين إلى حلم صعب المنال، نظرا للصعوبات والمشاكل الصحية التي يواجهها الزوجان في بداية حياتهما، وقد أدّى استفحال الوضع عبر عديد البلدان إلى اعتراف دولي من قبل المنظمة العالمية للصحة، حيث أقرت في الـ 14 سبتمبر الماضي التأخر في الإنجاب مرضا يستوجب المرافقة وتوفير العلاج.
العقم مرض يستوجب العلاج
وقد تطرّق اللقاء إلى مناقشة مشكل العقم الذي بات هاجس عدد من الأزواج، وتسليط الضوء على أسبابه والمفاهيم الخاطئة حوله، وكذا الرعاية المتوفرة اليوم في الجزائر، خاصة أن هناك حاجة حقيقية لتزويد الأزواج بالمعلومات المتعلقة بالعقم.
يشار إلى أن منظمة الصحة العالمية صنّفت مؤخرا العقم على أنه مرض، وأكدت أن 1 على 4 من الأزواج بمنطقة شمال إفريقيا يعانون من العقم، علما أن أسبابه عديدة، حيث ثبت أن ثلثها يكمن عند المرأة و1/3 منها لدى الرجل، كما أن الثلث المتبقي مشترك بين الاثنين وهي غير مفسرة، ناهيك عن أن أسلوب الحياة المعاصر الممثل في تأخير الإنجاب ساهم في انتشار العقم الذي تعرف الجزائر تصاعدا في انتشاره.
وعن هذه المسألة، أكدت الدكتورة شهيناز حاج سليمان، رئيسة الجمعية الجزائرية لطب الإنجاب، أنها تستقبل كل يوم ضمن معايناتها الطبية نساء ورجالا “أزواج” يعانون من تأخر الإنجاب، موضحة أن 20 بالمائة منهم يعانون من مشاكل في الخصوبة، مؤكدة أنه غالبا ما يتأخر الأزواج في استشارة الطبيب بسبب نقص المعلومات أو الخوف من التشخيص. وأوضحت المتحدثة أن 55٪ من النساء الجزائريات يشرعن في تلقي علاجهن بتقنية التلقيح الاصطناعي بعد بلوغ سن الـ35. يحدث هذا في الوقت الذي يعتبر السن عاملا رئيسيا وحاسما في المسألة، حيث إنه كلما كان التشخيص مبكرا كلما كانت للزوجين فرص أكبر للإنجاب، حسب حاج سليمان.
عبء اجتماعي ومالي ونفسي
أكدت حاج سليمان أن العقم أو التأخر في الإنجاب يعد مشكلا متشعبا في الجزائر ويشكل عبئا اجتماعيا واقتصاديا، فهو بالأساس مشكل بسيكولوجي واجتماعي ومالي، حيث لا يتوقف المجتمع والأهل عن الاستفسار عن وجود حمل بمجرد مرور بضعة أشهر على الزواج.. وهو أمر يقلق ويزعج المرأة التي تجد نفسها محرجة وعاجزة عن المواجهة، ناهيك عن العجز المالي نظرا لارتفاع تكاليف العلاج في الجزائر، حيث يجد الأزواج أنفسهم لوحدهم في مواجهة مختلف التدخلات الطبية في غياب تكفل من قبل مصالح الضمان الاجتماعي، خاصة بالنسبة للتلقيح الاصطناعي لمن يثبت لديهم وجود مشاكل صحية تعيق الحمل العادي.
وركّزت المختصة على ضرورة التوجه للفحص الطبي بعد انقضاء العام الأول من الزواج إذا لم يحدث هنالك حمل، ويخص الفحص، برأي حاج سليمان، الزوجين معا ولا يجب اتهام طرف دون الآخر.
وربطت المختصة مشكل نقص الخصوبة لدى الأزواج بعدة عوامل في مقدمتها تأخّر سنّ الزواج، خاصة لدى المرأة إذ يتراوح حاليا حسب أرقام رسمية بين سن 29-30 عاما نظرا للأولويات المتعلقة بإتمام المسار الدراسي بالإضافة إلى تغيّر النمط المعيشي والغذائي وارتفاع معدّلات القلق والتوتر وكذا السّمنة والتدخين والإدمان والكحول، منبهة إلى أن العقم مشكل الزوجين معا ولا يحق أبدا اتهام طرف على حساب الآخر.
وتحقّق مراكز الإنجاب الجزائرية نسبة نجاح تعادل النسب العالمية في حدود 30 بالمائة، حسب استعدادات كل زوج، كما أن سن المرأة تلعب دورا مهما في النجاح أين تقل حظوظ المرأة بشكل كبير بعد سن 43 عاما بسبب تراجع الرصيد البويضي.
تكاليف باهضة وغير معوضة
يمكن تكرار عملية التلقيح الاصطناعي في حال فشلها عدة مرات، غير أن تكاليفها الباهضة وغير المعوضة من قبل مصالح التأمين الاجتماعي تحول دون ذلك، واغتنمت المختصة الندوة لتوجيه نداء إلى مصالح الضمان الاجتماعي لمرافقة هؤلاء الأزواج، وتعويض التدخل الطبي ومساعدتهم في تحقيق حلمهم، حيث يقتصر الأمر حاليا على تعويض تكاليف العلاج لمرتين فقط، باستثناء السلك العسكري الذي تعوض له كافة العملية ثلاث مرات.
من جهتها، أفادت شافية بولفول، المديرة التنفيذية للجمعية الجزائرية للتخطيط العائلي، خلال الندوة الافتراضية التي اعتبرتها فرصة مناسبة لطرح انشغال عميق في المجتمع، أن جمعيتها تسعى لترسيخ ثقافة الكشف المبكر عن العقم أو الصعوبة في الإنجاب لإمكانية ذلك علميا ما يجعل التدخل الطبي أكثر نجاعة.
ل. ب