خطورة التساهل في الديون

خطورة التساهل في الديون

لقد تساهل كثيرٌ من الناس اليومَ بأمر الدَّين فاستدانوا لغير حاجة، وماطلوا في القضاء، أو استدانوا ما لا قدرةَ لهم على الوفاء به. وكان الناسُ فيما مضى يستدينون للضرورة أو الحاجة الماسَّة، كَقُوت عيالهم، أو بناء بيوتهم، أو إصلاح مزارعهم، أو بضائع دكاكينهم، ونحو ذلك، وبقدر ما يحتاجون إليه، أما اليوم فأصبحت معظمُ الديون للإنفاق على الكماليات من أثاث فاخر، أو سيارات غالية، أو أسفار سياحية، أو حَفَلَاتٍ باذخة، وغير ذلك، لقد عظَّم الإسلامُ شأنَ الدين وحذَّر من التساهل في قضائه؛ لما يترتب على ذلك من المفاسد العظيمة على الدائن والمدين، في الدنيا والآخرة، وهذا أمرٌ مشاهد، فكم من غنيٍ أو مستورٍ افتقر، بسبب تراكم دينه. ومما يبين خطورة التساهل بالدين أن صاحبه قد يُمْنَعُ دخولَ الجنة ما لم يُقضَ عنه، كما في حديث سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ رضي الله عنه قال: كُنَّا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة، فقال: ” أَهَاهُنَا من بني فلان أحد؟ ” قالها ثلاثا، فقام رجلٌ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ” ما منعك في المرَّتَيْنِ الأُولَيَيْنِ أن تكون أجبتني؟ أما إني لم أُنَوِّهْ بك إلا لخير، إن فلانا، لرجل منهم مات، إنه مَأْسُورٌ بِدَيْنِهِ” قال: لقد رأيت أهله، وَمَنْ يَتَحَزَّنُ، قضوا عنه حتى ما جاء أحدٌ يطلبه بشيء”. أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي بسند حسن. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “نَفْسُ المُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حتى يُقْضَى عنه”. أخرجه أحمد والترمذي. وقد بلغ التشديدُ في أمر الدين أن الشهيد تغفر لهم جميع ذنوبه إلا الدَّين، كما في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يُغفر للشهيد كل ذنب إلا الدَّين” رواه مسلم. ولعظم أمر الدَّين وخطورة عواقبه كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوَّذُ بالله تعالى منه، كما في حديث عائشة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة: “اللهم إني أعوذ بك من المأْثَم والمَغْرَم، فقال له قائل: ما أكثرَ ما تستعيذُ من المغرم! فقال عليه الصلاة والسلام: إن الرجل إذا غَرِمَ حَدَّثَ فكذب ووعد فأخلف” متفق عليه.

الأستاذ احمد بن صالح