نتيجة للمخططات اليهودية المتتابعة، ووسط تقاعس عربي إسلامي، نجحت المخططات اليهودية في تهويد القدس، ومن خلال الأرقام تظهر النتائج جلية واضحة.. ففي العام 1917م وكانت خطط التهويد في بدئها، كانت نسبة الأراضي التي يملكها العرب في القدس 90 %، وأربعة بالمائة لليهود فقط، وكانت نسبة السكان العرب في المدينة 75%، في مقابل 25 % لليهود، والمجموع الكلي للسكان 40.000 نسمة. أما إحصاء عام 1994م، فتصل نسبة الأراضي التي يملكها العرب في القدس 10 % ويحاولون الحفاظ على 4 % أخرى، بينما يملكون اليهود النسبة المتبقية 86%، وأصبحت نسبة السكان العرب في القدس 26 % في مقابل 74% لليهود، ومجموع سكان القدس كلها 587.000 نسمة.
إن المسجد الأقصى كان وما زال وسيظل جزءًا من العقيدة المسلمة، لا جدال فيها، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التنازل عن السيادة الإسلامية عليه، فهو واقع في أرض مسلمة، في محيط من المسلمين، ومستقر على أرض فلسطين التي رويت بدماء الصحابة عليهم رضوان الله تعالى وبناه المسلمون، وتاريخ فلسطين يشهد أنها عربية منذ القدم، وهذا ما أثبتته سلسلة الآثار المكتشفة، وأن العديد من الشعوب عاشوا على أرض فلسطين، وامتزجوا بأهلها، وظلت صفة العروبة غالبة عليها، وتأكدت بعد الفتح الإسلامي المبارك.
كما أن هيكل سليمان مجرد أسطورة مصنوعة ومتورمة في أذهان الصهاينة وقلوبهم، ومن ساروا على دربهم من اليمين المسيحي، وأن التنقيبات الأثرية لم تجد أيا من الإشارات التي تنم عن وجوده، ناهيك عن أي إشارة تؤكد ثبات وديمومة التاريخ اليهودي على أرض فلسطين. إن الصراع الحادث على أرض فلسطين ليس صراعاً سياسياً، ولا صراع أرض ونفوذ فقط، إنما هو صراع ديني عقدي في الأساس بين معسكرين: معسكر صهيوني تبنى أساطير توراتية صنعت في مراحل لاحقة من كتابة التوراة بجهود بشرية، واستطاعت أن تترسخ في الوجدان المسيحي الغربي عبر تيار المسيحية الصهيونية، الذي وصل معتقدوه إلى سدة السلطة منذ عقود طويلة، وساهموا في مناصرة إسرائيل بالمال والسلاح والنفوذ وبقرارات دولية.