الجزائر- تسارعت الاتصالات السياسية والدبلوماسية على محور الجزائر وتونس والأمم المتحدة ومصر لتطويق الوضع المتفجر في ليبيا، بعد عودة المواجهات العسكرية، وانفجار الوضع في طرابلس، بالتزامن مع ورود
تقارير استخباراتية عن وجود خطة عسكرية، يجري تنسيقها بين مصر وحفتر وأطراف دولية أخرى، لدعم عملٍ عسكري بري في العاصمة طرابلس ومدنٍ أخرى.
وكشف مصدر من وزارة الشؤون الخارجية، أن الجزائر “تفكر ملياً في الخسائر التي يمكن أن تتكبدها فيما بعد نتيجةً لأي تدخل عسكري سريع وغير عقلاني في دولة متوترة”.
وأضاف المصدر في تصريح لصحيفة “موند أفريك” الفرنسية، أن “الجزائر تؤمن بلغة الحوار والعودة إلى طاولة المفاوضات، كما أنها تشجع على اتخاذ الحلول الدبلوماسية. أما بالنسبة للتدخل العسكري، الذي يخدم مصلحة طرف على حساب آخر، فسيزيد الوضع تعقيداً مما يصعب مهمة الخروج بحل في المستقبل”.
وأكد مسؤول دبلوماسي جزائري -بحسب الصحيفة الفرنسية- أن “الجزائر احتجت ضد إجراءات السيسي التي اتخذها في ليبيا”. وفي الوقت عينه، طالبت الجزائر في بيان رسمي وضع حد للضربات الجوية المصرية التي تطال أهدافاً في التراب الليبي.
في هذا السياق، ذكر مصدر دبلوماسي جزائري، أن “اجتماعاً عُقد مساء الثلاثاء ـ الأربعاء الماضي، في تونس، بين موفد خاص من وزير الخارجية عبد القادر مساهل، يرجّح أن يكون سفير الجزائر السابق في ليبيا، والحالي لدى تونس عبد القادر حجار، مع المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر. وذلك لمناقشة التطورات الخطيرة التي تشهدها ليبيا، وإمكانية الحد من تداعياتها الخطيرة على الوضع الأمني والعسكري فيها، خصوصاً بعد القصف المصري”.
من جانب آخر، استنجدت أحزاب سياسية ليبية بالجزائر طالبة الحماية تزامناً مع الضربات الجوية المصرية الأخيرة، حيث اتصل قادة هذه الأحزاب بأحمد أويحيى، مدير ديوان الرئاسة في الجزائر.
وأكد مصدر جزائري أن “رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي، فايز السراج، اتصل شخصياً بأحمد أويحيى”، مضيفا أن “الجزائر قلقة بشأن الدعم المصري العسكري المكثف للمشير خليفة حفتر، نظراً لأن الجزائر ترى أن هذا الرجل غير جدير بالثقة، كما أنه يمكن أن يتسبب في تعميق الأزمة الليبية مما يؤثر سلباً على كامل المنطقة”.
من جانبها، لا ترى الجزائر حلاً للأزمة الليبية سوى في دمج كل الأطراف، الذين ترفضهم القاهرة وواشنطن في معادلة السلام في ليبيا.
وإذا كانت الجزائر قد غضّت النظر عن الضربات الجوية المصرية في ليبيا، على اعتبار أنها “استهدفت نقاطاً محددة لتجمّع مجموعات مسلحة”، فإن المصدر أكد أن “الجزائر أبلغت كوبلر اعتراضها ومخاوفها الجدية على تقارير غير معلنة، تتحدث عن وجود خطة عسكرية تتعلق بتدخل عسكري بري في ليبيا”.
وأضاف أن “هذا العمل من شأنه أن ينسف بشكل كامل الجهود التي تقوم بها الجزائر والأمم المتحدة لتطويق الأزمة الليبية، ودفع مختلف الأطراف للجلوس إلى طاولة المباحثات”.
ورأى المصدر أن “محاولة تطوير الموقف المصري المدعوم من دول أخرى، باتجاه تدخل عسكري مباشر في ليبيا، يمكن اعتباره موجّهاً ضد المجهود الجزائري، ويتناقض كلياً مع التوافقات السياسية التي انتهى إليها اجتماع دول الجوار الليبي، الذي عُقد في الجزائر الشهر الماضي بمشاركة الجزائر وتونس ومصر وتشاد والنيجر والسودان. وانتهى الاجتماع إلى التأكيد على “الحلّ السياسي في ليبيا، ورفض أي شكل من أشكال التدخل الأجنبي والحل العسكري للأزمة، وحثّ الهيئات الليبية المخوّلة إلى مباشرة حوار لإدخال التعديلات المقررة على الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات المغربية في ديسمبر 2015”.
وكشفت مصادر مطلّعة عن أنه “حصلت اتصالات بين الجزائر وقيادات ليبية عدة، لتقدير موقفها إزاء التطورات الحاصلة في الداخل الليبي، قبل اجتماع مرتقب هذا الاثنين، بهدف تهدئة الوضع في العاصمة طرابلس وضبط النفس، والتفكير في محددات تصور إقليمي لإعادة بعث مسار الحوار الليبي ـ الليبي”.
ومن المفترض أن يجري اللقاء الذي سيتضح فيه جزء من ملامح مستقبل ليبيا يومي 5 و6 جوان الجاري في العاصمة الجزائر.