مصطفى زبدي لـ”الموعد اليومي”: حماية البيانات من القرصنة مطلب أساسي
الجزائر- تحاول الجزائر الالتحاق بركب الدول المتطورة من خلال استخدام التكنولوجيات الحديثة في شتى المجالات والميادين، بما فيها مجال التجارة الإلكترونية الذي تسارع الحكومة إلى تجسيد مشروعه الذي وصل
إلى مراحله الأخيرة على أرض الواقع قبيل إطلاقه رسميا، إلا أن هذا المشروع قد يبقى حبيس انطلاقته بالنظر لحجم النقائص والعراقيل التي تعترضه.
وبعد مضي أزيد من عقد من بدء الحديث عن الشروع في تطوير نظام الدفع الإلكتروني في الجزائر، مازالت التعاملات النقدية أو ما يعرف بالعامية “التعامل بالشكارة” هي سيّدة الموقف رغم المحاولات الحثيثة للاستفادة من الانترنت في عالم التجارة.
مشاكل وعقبات قد ترهن انطلاقة الجزائر في مجال التجارة الإلكترونية
ورغم أن مشروع التجارة الإلكترونية في الجزائر بلغ آخر مراحله قبيل إطلاقه رسميا، إلا أن تحليلات الخبراء الاقتصاديين الذين حاورتهم “الموعد اليومي” تمحورت جلها حول النقائص والمشاكل والعقبات المسجلة حاليا والتي من شأنها أن تعترض هذه الانطلاقة، حيث انصبت التساؤلات حول النقص الفادح في الإمكانات والوسائل التي ينبغي توفرها لدخول مجال التجارة الالكترونية من حيث التدفق العالي للانترنت الذي يقابله على أرض الواقع ضعف لا يؤهله للتعاملات المزمعة وإمكانية تغطية التراب الوطني بالألياف البصرية، بالإضافة إلى الطريقة التي تمكّن من تحويل الإدارة خاصة المالية منها كالضرائب التي ما زالت بدائية في تعاملاتها إلى إدارة إلكترونية.
كما تحدث الخبراء الاقتصاديون أيضا عن قدرة الجزائر على حماية المعطيات الشخصية للمستهلك والتاجر من القرصنة خاصة بعد تأكيدات الوزيرة الأخيرة بعدم فتح هذا المجال للأجانب، فضلا عن إجبارية الدفع عن طريق البنك أو الجزائر للاتصالات، في حين أبدى عدد منهم تخوفهم من إمكانية اللجوء إلى الاستغناء عن العمال وتسريحهم بسبب الاعتماد على التعاملات الإلكترونية.
الدفع الإلكتروني..العائق الأكبر

وأجمع عددٌ من الخبراء والمتخصصين على أن مشكلة الدفع الإلكتروني في الجزائر تمثّل العائق الأكبر الذي قد يواجه انطلاقة الجزائر في هذا المجال، حيث يرون أن التجارة الإلكترونية لن تكون واقعًا ملموسًا ما لم تتكيّف البنوك مع التطوّرات التكنولوجية التي يشهدها العالم، وهو الأمرٌ الذي يستدعي إصلاحات اقتصادية ومالية عميقة تمسّ المنظومة الاقتصادية ككل.
عقد كامل حتى تصبح التجارة الإلكترونية واقعا ملموسا في الجزائر
وجزم كل من تحدث إلى “الموعد اليومي” أن الجزائر تحتاج إلى 10 سنوات كاملة حتى تصبح التجارة الإلكترونية حقيقة وواقعًا ملموسًا، مؤكدين أن هذه المدة قابلة للتقلص إذا كانت هناك إرادة سياسية حقيقية وقناعة لدى المسؤولين بأنها تخدم المجتمع.
محاولات عشوائية سبقت الانطلاقة الرسمية كمرحلة أولى
وسبقت الانطلاقة الرسمية لمجال التجارة الإلكترونية في الجزائر بعض المحاولات من بعض الأشخاص والشركات إلا أنها تبقى محاولات معزولة غير منظمة، حيث يمكن اعتبارها مرحلة أولى من التجارة الالكترونية وجزءٌ منها وليس تجارة إلكترونية بمفهومها الدقيق، بما أن أغلب هذه المواقع مثل موقع “واد كنيس” تلعب دور الوسيط الذي يعرض خدمات عن طريق الانترنت، لكن الدفع يكون نقدا، وهو ما يستلزم العودة إلى العملية الكلاسيكية التي يميّزها الدفع اليدوي والتوصيل التقليدي.
هذه الشروط الواجب توفرها من أجل تجارة إلكترونية محترفة
وبحسب نص مشروع القانون المنظم للتجارة الالكترونية والذي عرضته وزيرة البريد هدى إيمان فرعون مؤخرا على نواب البرلمان، فإن التجارة الإلكترونية تستلزم حضور مجموعة من العناصر والشروط لا بد من توفرها والتي إذا غاب أحدها فإن العمليّة تتعطّل برمّتها، وأوّل تلك العناصر هي المؤسسة التي تعرّف بمنتجاتها عبر الإنترنت أو برامج الهواتف الذكية، ويُشترط أن تكون معروفة الهوية وموثوقًا في مصداقيتها، ثمّ تأكيد المشتري لطلبيته عن بعد، أي عبر الانترنت، والذي يُشترط بدوره أن يكون معروف الهوية ومحدّد العنوان، ثمّ مؤسسة النقل التي تكون مربوطة إلكترونيا بالعملية، ثمّ التأمين الذي يضمن حقوق كلّ طرف في حال حدوث مشكلة خلال أية مرحلة من مراحل العملية التجارية.
الخبير في تكنولوجيات الاتصال يونس قرار:
النظام المعلوماتي البنكي في الجزائر قادر على استيعاب هذه الخدمة

أكد الخبير في تكنولوجيات الاتصال أن إطلاق خدمة الدفع الإلكتروني بشكل جزئي مؤخرا من شأنه أن يسهم في تسهيل انطلاقة الجزائر في هذا المجال، موضحا أن بطاقات الدفع الالكتروني ستمد نظرة واضحة وأرقاما حقيقية حول مجالات إنفاق المواطن الجزائري مما سيمكن الدولة من رسم سياسات مستقبلية تتجه نحو الخدمات والسلع الأكثر استقطابا في سوق الطلب.
وأضاف يونس قرار أن استعمال البطاقات البنكية الالكترونية في الخارج سيكون ممكنا، مضيفا أنه سيتم تحديد سقف أعلى لاستعمال هذه البطاقات كما هو متعامل به في الخارج.
وعكس ما قاله كثيرون، أكد قرار أن النظام المعلوماتي البنكي في الجزائر متطور وقادر على استيعاب هذه الخدمة وأن عملية عصرنة البنوك مستمرة وخاضعة لتطور التقنيات وحاجات السوق، مشددا على ضرورة الالتفات إلى الأنظمة العالمية المتطورة لتحيين النظام المالي توفيرا لخدمات أفضل وأكثر سلاسة.
الأستاذ والخبير الاقتصادي رضا تير لـ”الموعد اليومي”:
مشاكل وعقبات جمّة ستعترض عملية التجارة الإلكترونية في الجزائر

اعتبر الأستاذ والخبير الاقتصادي رضا تير أن الجزائر ليست مستعدة تماما للانطلاق في مجال التجارة الإلكترونية بالنظر للنقائص والعقبات الجمّة التي ستعترضها، مؤكدا أن الجزائر يلزمها عقد كامل حتى تلتحق بركب الدول المتعاملة في هذا المجال.
وأوضح رضا تير، في تصريح خص به “الموعد اليومي” أن مشاكل وعقبات عدة ستواجه انطلاق الجزائر في مجال التجارة الإلكترونية، مؤكدا أن هذه النقائص من شأنها أن ترهن حظوظ نجاح هذه الانطلاقة.
واعتبر تير أن النظام المعلوماتي البنكي في الجزائر غير متطور بالدرجة المطلوبة وبالتالي غير قادر على استيعاب هذه الخدمة على أكمل وجه، مشددا على ضرورة الاستمرار في عملية عصرنة البنوك وإخضاعها لتطور التقنيات وحاجات السوق.
واستدل المتحدث ذاته في كلامه بالبطاقات البريدية وحتى البنكية التي قال بشأنها إنها غير معترف بها في الخارج، فضلا عن مشكلة الإمضاء الالكتروني ناهيك عن النقائص التي يشهدها النظام البنكي سواء من ناحية العتاد أو من الناحية البشرية.
رئيس جمعية حماية المستهلك مصطفى زبدي لـ”الموعد اليومي”:
حماية بيانات التجار والمستهلكين الإلكترونيين من القرصنة مطلب أساسي
شدد رئيس جمعية حماية المستهلك مصطفى زبدي على ضرورة حماية بيانات التجار والمستهلكين الإلكترونيين من القرصنة، مؤكدا أن الجزائر لديها من الكفاءات ما يؤهلها لحماية بيانات أفرادها، مطمئنا بأن هذا الجانب لن يكون مشكلا في الانطلاق في مجال التجارة الإلكترونية بقدر المشاكل التي ستخلقها أمور أخرى.
وأوضح زبدي في تصريح خص به “الموعد اليومي” أنه لابد من حماية بيانات الأفراد والتجار والمستهلكين الإلكترونيين من القرصنة في حالة ما تم اعتماد نظام التجارة الالكترونية في الجزائر بصفة رسمية، مؤكدا أن الجزائر لديها من الكفاءات في المجال الالكتروني ما يؤهلها للانطلاق في هذا المجال. مقابل ذلك، توقع زبدي أن تكون انطلاقة الجزائر في مجال التجارة الالكترونية “محتشمة”، حيث عدد بعض المشاكل التي من شأنها أن تعرقل هذه الانطلاقة اختزلها في عدم ترسخ ثقافة التجارة الالكترونية في ذهنية المجتمع الجزائري سواء المستهلكين أو التجار فضلا عن بعض المشاكل الأخرى التقنية كسرعة تدفق الانترنت ونقص الوسائل التكنولوجية والمعدات المطلوبة في مجال التجارة الالكترونية.
ورغم كل هذه النقائص البادية والتي من شأنها أن تعرقل مسار انطلاقة التجارة الإلكترونية في الجزائر، إلا أن رئيس جمعية حماية المستهلك شدد على ضرورة الانطلاق فيها حاليا بدل عدم الانطلاق أصلا خاصة وأن الجزائر متأخرة كثيرا في هذا الجانب مقارنة ببعض الدول الأخرى.










