حياتك من صنع أفكارك

حياتك من صنع أفكارك

إن مسألة الاهتمام والعناية بجانب التفكير في العموم، والتفكير الإيجابي في الخصوص، لها أثر بالغ في تقدم الشعوب ورُقيِّ الأمم، وصناعة المواطنين الصالحين، القادرين على التعامل مع المشكلات التي يعاني منها المجتمع، بكل إيجابية، ورؤية وحكمة، وفاعلية مجدية لأنفسهم وأوطانهم ومجتمعاتهم، ويتحقق ذلك عندما يكون ذلك التفكير مرتكزًا على الموضوعية، وعلى عدد كافٍ من المقومات والقوانين النيرة المعترف بها. إن التفكير الإيجابي ضرورة في كل وقت وزمان، وتتأكد ضرورته في عالم اليوم، الذي أصبح يمثل قرية واحدة صغيرة، بل بيتًا واحدًا، بل ربما أضيق من ذلك؛ وهنا يتجلى دور التفكير الإيجابي في بناء شخصية الإنسان في العموم، والمسلم في الخصوص؛ فمن يمتلك تفكيرًا إيجابيًا، فهو يستطيع أن يتعايش مع ذلك الزخم، بعقل وفكر واعٍ؛ فيأخذ كل ما هو مفيد وإيجابي، فيوظفه لصالح نفسه ومجتمعه وأمته، ويطور ذاته، ويبتعد عن كل ما هو سلبي ضار على الفرد والمجتمع في نفس الوقت. فإن كانت تلك الأفكار إيجابية، كان واقع صاحبها كذلك، وإن كانت تلك الأفكار انهزامية وسلبية، كان واقع صاحبها كذلك بالضبط؛ فليحرص العاقل على اكتساب التفكير الإيجابي في جميع أموره، فهو مصدر قوة وحياة آمنة.

ومن أعظم تلك المصادر للتفكير الإيجابي التفكيرُ الإيجابي من وحي الكتاب والسنة من منظور التربية الإسلامية؛ لأنه سيساعدك على التفكير الآمن في حل معضلات الحياة وتحدياتها التي هي جزء من طبيعة الحياة وتكوينها، فعند ذلك يزداد المسلم الإيجابي إقبالًا وتفاؤلًا، وثقة وقوة، ومهارة وتعاملًا مع تحديات الحياة وصعوباتها؛ لأنه سيتحرر من معاناة وآلام سجن التفكير السلبي وآثاره الجسيمة، فالإيجابي يستمتع أكثر، وينظر إلى الجانب المضيء بدلًا من أن يملئ رأسه بالأفكار السلبية، ويختار أن يكون سعيدًا بدلًا من أن يكون حزينًا؛ فكن إيجابيًّا في حياتك، تكن فاعلًا في العطاء. فالسلوك الصادر من الإنسان أيًّا كان وضعه، وأيًّا كانت تلك السلوكات إيجابية أم سلبية؛ فالأصل لا تصدر إلا عن تصورات فكرية مسبقة في العقل الإنساني، تتحول منه إلى بقية الجوارح؛ كسلوكات عملية مشاهَدة للعيان؛ فالتربية الإسلامية من خلال مصدريها الأساسيين؛ الكتاب والسنة، تهتم بالبناء الفكري الإيجابي في كل نصوصها؛ وذلك لأن العقل عليه مدار التكليف والأحكام الشرعية ثبوتًا وعدمًا؛ لذا كان الخطاب القرآني موجهًا إليه مباشرة؛ فقال تعالى: ” أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ” محمد: 24، ” أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ ” الأنعام: 50، ” أَفَلَا يَعْقِلُونَ ” يس: 68، ” أَفَلَا يَنْظُرُونَ ” الغاشية: 17، وغير ذلك؛ فالعقل هو الآلة المادية للتفكير، وفيه تتولد قدرة الإنسان على التصور وعلى التعبير.

من موقع الالوكة الإسلامي