حوّل الكثير من الجزائريين يوم الفاتح من أفريل يوما للكذب، فيتفننون ويبرعون في اختلاق مختلف الأكاذيب وفبركة سيناريوهات مؤسفة ومؤلمة لجرائم وحوادث مميتة من نسج الخيال، غير أن حبكة المقلب تدفع الضحية لنسيان الفاتح من أفريل سواء كان ممن تعود عليه أو الرافضين لفكرة الكذب.
وإن كانت الأكاذيب في السابق تتم من خلال الإتصالات الهاتفية، فحاليا أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي البديل الآخر لنشر كذباتهم، ليصبح الأول من أفريل عنوان مأساة بالنسبة إليهم يذكرهم بحوادث مريعة كانت بدايتها مزحة.
أنباء وفاة كاذبة توصل لاستعجالات المشافي
ومن بين القصص المؤلمة، قصة تلقت اتصالا هاتفيا من إحدى بناتها تخبرها فيه أن شقيقها الأكبر قد تعرض لحادث سيارة وهو في مستشفى مصطفى باشا، فخرجت الأم مفزوعة ودموعها تسبقها، حتى أنها كادت تفقد وعيها، لتعيد ابنتها في تلك اللحظات الاتصال بها وتخبرها أنها مجرد مزحة أي سمكة أفريل، لكن والدتها انتابها الهلع وارتفع ضغطها لتنقل على جناح السرعة إلى مستشفى سليم زميرلي أين خضعت لحقن لإنزال ضغطها الدموي.
وليست هذه الحادثة الوحيدة، فقد وقع رجل يعمل في الصحراء ضحية مقلب أحد أشقائه، حيث اتصل به هذا الأخير مدعيا أن والده قد ارتفع معدل السكر لديه ونقل للمستشفى في حالة غيبوبة، فما كان عليه سوى ركوب سيارته ليلا قادما من عين صالح نحو العاصمة، غير أنه في الطريق الوطني وبسبب السرعة المفرطة وقع له حادث سيارة، والغريب أنه عندما اتصل بشقيقه ليعلمه بما وقع له بدأ هذا الأخير يضحك معتقدا أنه يريد الإيقاع به في مقلب آخر، ليعرف بعد ذلك أنها حقيقة وشقيقه في المستشفى.
العالم الإفتراضي.. فضاء للكذب
أهم ما ميز هذه المقالب في السنوات الأخيرة، انتقال سمكة أفريل “للفايسبوك”، حيث أصبح الكثيرون لا يتوانون عن نشر أخبار كاذبة على صفحاتهم حول وفاتهم أو زواجهم وتعرضهم لحوادث مرور، وهو ما يدفع بأصدقائهم المقربين ومعارفهم للتفاعل معهم حتى أن الكثير منهم يتنقلون لمساكنهم العائلية ليعرفوا في نهاية المطاف أنهم راحوا ضحايا كذبة لا أساس لها من الصحة، وهو ما أقدم عليه شاب مراهق يدرس في الثانوية في أفريل 2014، عندما قام بحلق شعره ونشر صورة له على “الفايسبوك” يدعي فيها إصابته بمرض سرطان الدم، وهو الخبر الذي صدم الكثير من أصدقائه وأقاربه الذين راحوا يتصلون به ويدعون له بالشفاء، إلا أنه وبعد أن اطلع على جميع تمنياتهم وتفاعلاتهم صارحهم بأنها مزحة أفريل، لتنقلب الدعوات لوابل من السب والشتم.
أئمة وجمعيات دينية يحرمون هذه البدعة
دعا أئمة وجمعيات دينية لمقاطعة بدعة “كذبة أفريل” لأنها يوم، حسبهم، لاستحلال الكذب، وهي محرمة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم “ويل لمن يحدث الكذبة ليضحك الناس، ويل له، ويل له”.
وأعلنت عدة شخصيات وجمعيات دينية الحرب ضد كل المواقع التي تروج لـ “نكتة أفريل” عبر شبكات التواصل الإلكتروني، واعتبروا التعامل مع “كذبة أفريل” مخالفا للدين، لأن تقليد الغرب لا يجوز حتى من باب المزاح وهو محرم أجازه الشرع في ثلاثة مواقف فقط وهي الكذب للإصلاح بين الزوجة والزوج أو بين الأقارب والأصدقاء، والكذب في الحرب، وكذب الزوج عن زوجته للحفاظ عليها. وهناك موقف لطيف للإمام البخاري، عندما سافر لأحد الحافظين لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ليجمع منه هذه الأحاديث وعندما زاره في بيته رآه يكذب على حصانه ويوهمه أن في جيبه شعير، فعدل الإمام البخاري على أن يأخذ منه أحاديث النبي لأنه اعتبره غير صادق لمجرد كذبه على حيوان!.
ق. م