حوادثها أخطر بكثير من حوادث السيارات!

الدراجات النارية… المتعة التي تؤدي بصاحبها إلى الهاوية

الدراجات النارية… المتعة التي تؤدي بصاحبها إلى الهاوية

أضحت الدراجات النارية جزء لا يتجزأ من ثقافة الشباب الجزائري الذي يواكب التطور الحاصل في جميع الميادين، حيث تحولت من وسيلة للتنقل إلى وسيلة للترفيه ولتحقيق المتعة واللعب الجنوني عند البعض وإلى وسيلة لقطع الإشارات وتخطي الأرصفة، لتصبح بعد ذلك مصدر خوف وقلق للأهالي.

تحولت الدراجات النارية في الوقت الراهن من وسيلة لتسهيل التنقل إلى وسيلة فتاكة تحصد العشرات من أرواح الشباب والمراهقين في الشوارع الجزائرية، وذلك راجع بصفة كبيرة إلى السرعة المفرطة ونقص الوعي لدى هاته الفئة التي أضحت تقودها بطرق جنونية وغير عقلانية، فكثيرا ما تتحول قيادة الدراجات النارية إلى مأساة حقيقية تهدد حياة الشباب السائق وسلامة المواطنين ممن حولهم، خاصة وأنهم يتجولون بها في الشوارع والمسالك الضيقة أين تكثر حركة المارين والمتجولين، بسرعة فائقة، ويقومون بجولات عدة في الأحياء الشعبية، كما أنها أصبحت مصدر خطر لدهس الأطفال، متناسين الخطر الكبير للقيادة غير العقلانية لهذه الآلة، التي صارت تحصد العديد من الأرواح سنويا.

 

بدايتها المتعة والترفيه وخاتمتها مأساة

ففي الآونة الأخيرة أصبحنا نسمع عن حوادث يومية لهذه الدراجات، التي تأخذ في مجراها العديد من الأرواح البشرية والبريئة، حيث أصبح السائق المراهق أو الشاب لا يعرض نفسه فقط لخطر الموت المحدق به من كل حدب وصوب، وإنما أيضا يضع العديد من الناس تحت مقصلة الموت الحتمي، خصوصا وأنه يقودها بصورة مرعبة وسرعة جنونية في الطرقات السريعة، وبالتالي فأي هفوة صغيرة منه أو عدم تركيز تضع حدا لحياته فورا، سيما وأن الشباب اليوم يتباهى بركوبه الدراجة دون الخوذة هو والشخص الذي يركب خلفه سواء كان امرأة أو رجلا، حيث لا يخفى على أي واحد منا عواقب هذا التهاون بأمور تكون في غالب الأحيان هي الحد الفاصل بين الموت والحياة.

 

غياب الرقابة والسرعة المفرطة سبب تفاقم الأزمة

يعتبرها العديد من الشباب لعبة أو أنهم مثل أولئك الذين يلعبون ألعاب الفيديو “بلاي ستاشين” أو يضعونها في خانة الموضة التي يجب عليهم مواكبتها، ولكن الأخطر في هذا كله هو أن الأهالي كثيرا ما يتهاونون في هذه الأمور التي يعتقدون بأنها بسيطة ولا يعطون أهمية لنتائجها الوخيمة على أبنائهم، حيث باتوا يسعون بكل السبل إلى توفيرها لأبنائهم وفقا للماركات العالمية وبأسعار كثيرا ما تكون خيالية تنافس فيها السيارات الفخمة والأنيقة، وتكون في الوقت نفسه أداة للقتل السريع، خاصة وأن جل الشباب يقودونها بطرق غير عقلانية، وكثيرا ما يتجاهلون ما قد يحصل لهم أو يستهزئون به من ناحية أخرى.

في البداية تحدث الشاب “هشام” عن هذا الموضوع قائلا: «لا شك أن الجميع يدرك مدى خطورة هذا الأمر، حيث أصبحت قيادة الدراجات النارية تشكل خطورة كبيرة علينا بسبب ما يقوم به المراهقون من استعراض بالدراجات، فهذه مشكلة كبيرة تؤرق الجميع سواء مرتادي الطريق أو سكان الحي”. أما أحمد فيقول “إن بعض الشباب يرون أن استخدام الدراجة النارية عامل مساعد للتنفيس عن أنفسهم، ولكن بطريقة خاطئة وخطرة، وذلك لأن الاستخدام يكون في الطرقات الرئيسية والأحياء، ما يسبب إزعاجا للسكان وخطرا للشخص نفسه”. وقصة سيد علي هي الأخرى التي أردنا أن ندرجها حتى تبقى عبرة للشباب الذين يعشقون الدراجات النارية ويهوونها حتى النخاع، لكنهم في الوقت نفسه يتناسون ما قد ينجم عنها من مخلفات بشعة عليهم، “رضا” هو شاب مثل بقية الشباب يعشق الدراجات وهو على إطلاع دائم بآخر المستجدات والتطورات في هذا الميدان وبعد أن تمكن عن طريق التدين من شراء دراجة أحلامه، التي كان بالإمكان أن تقوده إلى الهلاك، في حادث سير مع شاحنة لنقل البضائع، لكنه نجا من هذا الحادث الأليم بأعجوبة حقيقية، الذي وضع حياته في خطر، وأطرحه الفراش لمدة سنة كاملة، لا يقدر فيها على الحراك، ويقول “منذ ذلك الوقت لم أركب الدراجات، خاصة وأني عاهدت أمي بأن لن أركبها مجددا، ولو بسرعة عادية”.

يجب على السلطات المحلية وكافة الجهات المعنية التحسيس حول مخاطر هذه الآلة التي باتت تحصد الآلاف من الأرواح البشرية سنويا، وتشديد الرقابة خاصة وأن أغلبية من يقودونها يجب أن يكونوا قد بلغوا السن القانوني لقيادة هذا النوع من وسائل التنقل، كذلك يجب على الأولياء ضرورة توعية أولادهم حول المخاطر التي يمكن أن يتعرضوا لها من وراء قيادتهم العشوائية لهذه الآلة.

 

تدابير جديدة للحد من مناورات الدراجات النارية

تقرر وضع الدراجات النارية التي تشكل خطرا على سلامة مستعملي الطرقات العمومية بسبب استفحال ظاهرة المناورات المهددة لحياة الأفراد في المحشر، حسب قرار ولائي.

وينص القرار الولائي على وضع الدراجات النارية التي تشكل خطرا على سلامة مستعملي الطرق العمومية في المحشر، وذلك دون الإخلال بالعقوبات والتشريعات السارية في مجال أمن الطرقات وسلامة الأشخاص.

وحدد القرار بعض الحالات التي يقوم فيها الأعوان المكلفون بالأمن العمومي من درك وأمن وطنيين بمعاينة المخالفات التي يتم على أساسها، وفقا للتنظيمات  التشريعات السارية، إصدار قرار وضع الدراجة النارية في المحشر، مثل “المناورات الخطيرة في الطرق العمومية” و “غياب وسائل الحماية والأمن” و “الإزعاج والمساس بالسكينة العامة”.

ويأتي هذا القرار بهدف وضع حد لحوادث المرور الخطيرة والمميتة التي تتسبب فيها الدراجات النارية، بسبب ظاهرة المناورات الخطيرة التي يقوم بها بعض مستعملي الدراجات النارية على مستوى الطريق السريع الرابط بين الجزائر العاصمة وتيبازة إلى غاية شرشال وسيدي غيلاس وحجرة النص غربا، والتي استفحلت مؤخرا، حسب نفس القرار.

واستند القرار في حيثياته إلى التنظيمات والتشريعات المعمول بها في مجال أمن الطرقات وسلامة الأفراد والممتلكات.

 

حوادث الدراجات النارية أخطر بكثير من حوادث السيارات!

تشير دراسة كندية إلى أن من المحتمل أن تؤدي حوادث الدراجات النارية إلى إصابات خطيرة وحالات وفاة وتكاليف طبية كبيرة أكثر بكثير من حوادث السيارات.

ويقول باحثون في دورية الجمعية الطبية الكندية إنه على الرغم من أن عددا كبيرا من الأبحاث السابقة وثقت احتمال أن تؤدي حوادث الدراجات النارية إلى إصابة أخطر بكثير من حوادث السيارات، إلا أن الدراسة الحالية تقدم أدلة جديدة على التكاليف المالية لهذه الحوادث.

وفحص الباحثون بيانات نحو 26831 مريضا أصيبوا في حوادث دراجات نارية و281826 شخصا أصيبوا في حوادث سيارات. وبشكل عام وجدت الدراسة أن معدل إصابات حوادث الدراجات النارية كان أكبر من معدل إصابات حوادث السيارات بثلاث مرات.

وزاد احتمال التعرض لإصابات خطيرة عشر مرات بالنسبة لحوادث الدراجات النارية.

في الوقت نفسه تزيد تكلفة علاج إصابات حوادث الدراجات النارية مرتين تقريبا عن حوادث السيارات خلال أول عامين بعد الحادث. وبلغ متوسط تكاليف علاج حوادث الدراجات النارية 5825 دولارا كنديا (نحو 4569 دولارا أمريكيا) مقابل 2995 دولارا كنديا (نحو 2349 دولارا أمريكيا).

ووجدت الدراسة أن المعدل السنوي للإصابات بالنسبة للدراجات النارية بلغ 2194 شخصا من بين كل 100 ألف شخص من أصحاب الدراجات النارية المسجلين مقابل 718 شخصا من بين كل 100 ألف من أصحاب السيارات المسجلين.

وقال الطبيب لويس لي الذي يعمل في مستشفى بوسطن للأطفال والباحث في كلية هارفارد للطب والذي لم يشارك في الدراسة، إنه نظرا لأن قائدي الدراجات النارية أكثر تعرضا للطريق من قائدي السيارات، يزيد لديهم خطر أن تؤدي الحوادث التي يتعرضون لها إلى إصابات في القفص الصدري ومنطقة البطن والرأس والأطراف. ويساعد ارتداء الخوذة في منع إصابة الرأس ولكنها لا تحمي بقية الجسم.

وقال لي عبر البريد الإلكتروني “يجب على قائدي الدراجات النارية أن يدركوا الأخطار المتزايدة المرتبطة بقيادة دراجة نارية، وإن خطر التعرض لإصابة خطيرة وتكاليف طبية تزيد بشكل كبير بالمقارنة مع الركوب داخل سيارة تتعرض لحادث”.

وأضاف “يجب على قائدي الدراجات النارية ارتداء خوذة والالتزام بالحد الأقصى للسرعة المنصوص عليه كي يحاولوا الحد من إصابات الرأس”.

ق. م