احتضنت الجزائر، الأحد، ملتقى دوليا حول دور المجتمع المدني في تعزيز السلم والوقاية من الإرهاب ومكافحته في إفريقيا، بتنظيم من المرصد الوطني للمجتمع المدني، وبالتنسيق مع مركز الاتحاد الإفريقي لمكافحة الإرهاب.
وجاء الملتقى تحت شعار “إفريقيا، قيم قوية ومستقبل مشترك” حيث شهد مشاركة شخصيات رسمية وخبراء أمنيين وممثلين عن منظمات المجتمع المدني من مختلف الدول الإفريقية.
إطلاق مبادرات لتعزيز التنسيق الإفريقي..
خلال الملتقى تم التوقيع على بروتوكول تعاون بين المرصد الوطني والمركز الإفريقي، يهدف إلى تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف. كما تم استعراض خطة عمل متعددة الأبعاد للفترة 2025-2028، تضمنت إطلاق شبكة المجتمع المدني لمعالجة قضايا الهجرة وهي مبادرة تسعى إلى خلق تنسيق إفريقي أكثر فاعلية في مواجهة التحديات الأمنية والاجتماعية المرتبطة بالإرهاب.
مقاربة شاملة لمواجهة الإرهاب في إفريقيا..
في كلمتها، أكدت كاتبة الدولة المكلفة بالشؤون الإفريقية، سلمى منصوري، أن الإرهاب بات يشكل خطرا متزايدا يتجاوز الحدود الوطنية ليهدد استقرار الدول الإفريقية والتنمية المستدامة فيها. وشددت على أهمية تبني مقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب تعتمد على معالجة أسبابه الجذرية مثل الفقر والبطالة والتهميش الاجتماعي، إلى جانب تعزيز دور المجتمع المدني في نشر ثقافة السلام ونبذ العنف بالإضافة إلى تعميق التعاون بين الدول الإفريقية لمجابهة الجريمة المنظمة والإرهاب.
الجزائر تقترح آليات جديدة لمكافحة الإرهاب..
أشارت منصوري إلى الجهود التي تبذلها الجزائر في هذا المجال، حيث قدم الرئيس عبد المجيد تبون، بصفته منسق الاتحاد الإفريقي لمكافحة الإرهاب، تقريرا شاملا حول سبل تعزيز آليات المواجهة. وتضمنت المقترحات المقدمة إطلاق خطة عمل إفريقية جديدة لمكافحة الإرهاب، وتفعيل الصندوق الإفريقي لمكافحة الإرهاب لدعم الدول الأكثر تضررا، إضافة إلى إعداد قائمة سوداء إفريقية تشمل الأفراد والجماعات الإرهابية وإطلاق مذكرة توقيف إفريقية لتعزيز التعاون القضائي بين الدول.
المجتمع المدني كشريك أساسي في مكافحة الإرهاب..
من جهتها، أكدت رئيسة المرصد الوطني للمجتمع المدني ابتسام حملاوي، أن المجتمع المدني أصبح عنصرا أساسيا في تحقيق الأمن والاستقرار، وليس مجرد طرف داعم. وأوضحت أن الجزائر، من خلال إصلاحات دستور 2020، عملت على تمكين الجمعيات والمنظمات المدنية من لعب دور فاعل في بناء دولة قوية ومستقرة. كما شددت على أهمية الشراكة بين المرصد الوطني والمركز الإفريقي، التي ستترجم إلى برامج توعوية وتدريبية، إضافة إلى دراسات علمية تساهم في فهم ومعالجة الأسباب المؤدية إلى التطرف العنيف.
إفريقيا تتجه نحو تعزيز التعاون لمكافحة الإرهاب..
وفي مداخلته، أكد مدير مركز الاتحاد الإفريقي لمكافحة الإرهاب، إدريس علالي، أن التصدي للإرهاب مسؤولية جماعية تتطلب إشراك جميع فئات المجتمع، وليس الاقتصار على الحكومات فقط. وأشاد بتوقيع مذكرة التفاهم بين المركز الإفريقي والمرصد الجزائري، معتبرا إياها خطوة مهمة لتعزيز التعاون في مكافحة التطرف، من خلال إشراك المجتمع المدني في حملات الوقاية والتوعية، وإطلاق منصة تدريب رقمية لدعم قدرات الفاعلين في المجتمع المدني، إلى جانب إعداد تقرير سنوي حول التهديدات الإرهابية في إفريقيا، وتنظيم حملات إعلامية لمواجهة الدعاية الإرهابية.
إطلاق خطة عمل مشتركة للفترة 2025-2028..
أسفر الملتقى عن إطلاق خطة عمل إفريقية تمتد من 2025 إلى 2028 تهدف إلى تعزيز الجهود المشتركة في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف. وتتضمن الخطة تنظيم منتديات إقليمية حول الوقاية من الإرهاب في عدة عواصم إفريقية، إلى جانب إنشاء أكاديمية رقمية مفتوحة لتكوين الفاعلين في المجتمع المدني وإطلاق مهرجان “الفن من أجل السلام” لتوظيف الثقافة والفن في مواجهة التطرف، فضلا عن إعداد دراسات علمية حول بؤر التوتر في إفريقيا وإنشاء آليات إنذار مبكر لرصد التهديدات الأمنية.
رسالة تضامن إفريقي في مواجهة الإرهاب..
في أجواء أخوية اختتم الملتقى بتنظيم إفطار جماعي جمع المشاركين من مختلف الدول الإفريقية في رمزية تعكس قيم التضامن والتعايش والسلام التي تسعى إفريقيا إلى ترسيخها في جهودها لمكافحة الإرهاب. واتفق المشاركون، على ضرورة تجاوز الحلول الأمنية التقليدية، وتعزيز رؤية موحدة تعتمد على التعاون الإقليمي وإشراك المجتمع المدني في جهود الوقاية والتوعية، لتحقيق أمن واستقرار مستدامين في القارة.
محمد بوسلامة
