مع بداية الشهر الوردي

حملات و معارض للتوعية بمخاطر الداء.. سرطــان الثـدي.. “بعبع” مـازال يخيـف الجزائريــات

حملات و معارض للتوعية بمخاطر الداء.. سرطــان الثـدي.. “بعبع” مـازال يخيـف الجزائريــات

تحصي الجزائر سنويا نحو 12 ألف إصابة جديدة بسرطان الثدي، و هو ما جعل المختصين يدقون ناقوس الخطر و يؤكدون على أهمية الكشف المبكر، الذي يبقى خارج دائرة اهتمامات الكثير من النساء، إما بسبب غياب الوعي أو نتيجة الخوف من اكتشاف وجود المرض .

سرطان الثدي ..في مقدمة السرطانات الأكثر فتكا

ويؤكد الأطباء، أنّ سرطان الثدي يأتي في مقدمة أنواع السرطانات التي تصيب النساء في العالم المتقدم والنامي على حدّ سواء، وعليه فإن الكشف بالأشعة مرة في السنة أو خلال سنتين، بات أكثر من ضروري لكل امرأة يزيد عمرها عن 40 سنة، لتفادي المضاعفات الصحية التي قد تنجم عن الداء واستئصاله في بدايته لزيادة احتمال الشفاء.

ويظلّ التشخيص المبكر من أهمّ استراتيجيات الكشف عن المرض، كما أنه يساهم أيضا في التخفيف من تكاليف العلاج، علما بأنّ سرطان الثدي في الجزائر يهدد حياة النساء في سن مبكرة عكس البلدان الغربية، فمعدل عمر المريضات به في تلك البلدان، يفوق 50 عاما ويصل حتى إلى سن الستين.

أصِيبت بالسرطان و هي في 32 من عمرها

فايزة هي واحدة من الجزائريات اللواتي اصطدمن بخبر الإصابة بسرطان الثدي، بالنظر لصغر سنها، لكنها لم تستلم للورم الخبيث، رغم أنها اكتشفته في مرحلة متطورة بسبب سوء التشخيص و عدم توجهها إلى طبيب أخصائي منذ البداية، و تقول فايزة إنّ قصتها مع المرض بدأت و عمرها 32 عاما، حين شعرت بآلام على مستوى الثدي الأيسر ، لاحظت أنها تتكرر معها دائما و في نفس المنطقة.

و أضافت محدثتنا أنها تخوفت من هذه الآلام ، فقامت بمراجعة طبيب عام للاستفسار عن أسبابها ، ليؤكد لها بأنها لا تعاني من أي مرض ، إلا أن تطور الأعراض دفعها لاستشارة طبيبة مختصة في أمراض النساء ، وبعد قيامها بمختلف التحاليل وأشعة «الماموغرافي» ، تبين أنها مصابة بسرطان الثدي، حيث تطلبت حالتها استئصاله كليا لتفادي انتشاره في كامل جسمها.

…و نساء يكتفين بالفحص الذاتي!

أما مونية ، فهي سيدة تعدت الخمسينات من العمر ، لكنها ترفض إجراء الكشف المبكر عن سرطان الثدي، و تبرر ذلك بأنها لم تتحسس أي ورم ، لذلك فإن أشعة «الماموغرافي» ليست ضرورية حسب اعتقادها ، بينما تتحجج أخريات بالخوف من اكتشاف المرض فعلا، رغم أن ذلك سيسمح بإنقاذهن من استئصال الثدي أو الموت، و هي حالات وقف عليها المختصون في مستشفيات الوطن.

وحسب الأطباء ، فإن انتشار سرطان الثدي يعود إلى عدة عوامل من بينها السمنة المفرطة، وتناول بعض الأدوية التي تحتوي على الهرمونات، إضافة إلى التدخين الذي يعد أحد أهم عوامل الخطر، خاصة مع إقبال بعض الجزائريات عليه خلال السنوات الأخيرة، كما أن العامل الوراثي قد يزيد من فرصة الإصابة، فيما يؤكد المختصون أن الرضاعة الطبيعية لها دور فعال في حماية النساء من الداء.

المختصون في العلاج بالأشعة :”التشخيص المبكر للداء يبدأ من سن الثلاثين”

و يوضح الدكتور دهينة حمزة المختص في العلاج بالأشعة ، أن على المرأة عدم التردد في التوجه إلى الطبيب لإجراء فحوصات، في حال اكتشافها لأي تغيير غير طبيعي أو أي أعراض غير اعتيادية، مؤكدا أن الكشف المبكر عامل أساسي في الشفاء.

وأشار المختص إلى أنّ التشخيص المبكر في الجزائر يبدأ من سن الأربعين فما فوق، لاكتشاف المرض دون أن تكون هناك أعراض عند المرأة، والهدف منه هو استعمال الأشعة السينية المعروفة باسم «ماموغرافي»، لمحاولة تحديد الورم في مراحله الأولى، كما أكّد أن هذه الأشعة ضرورية للنساء إذ يجب أن يخضعن لها كل سنتين، وتخص من ليس لديهن حالات إصابة بالمرض في العائلة.

أما إذا كان هناك تاريخ للمرض في الأسرة، فإنّ التشخيص المبكر يبدأ، مثلما يوضح الدكتور، من سن الثلاثين بواسطة «الإيكوغرافي»، على أن يُجرَى كل سنة إلى غاية وصول المرأة لعمر 35 سنة، لتبدأ بعدها في الكشف عن طريق «الماموغرافي» مرة في السنة أيضا، مضيفا أن العامل الوراثي يمكن أن يلعب دورا في إصابة الفتيات بسرطان الثدي بنسبة 10 بالمئة، كما أن هناك جينات إذا وجدت في الجسم، فإن المرأة يمكن أن تتعرض لهذا الداء.

بالمقابل، أشار الدكتور دهينة إلى أن هناك فتيات تقلّ أعمارهن عن 40 سنة أصبن بسرطان الثدي، رغم عدم وجود تاريخ للمرض في العائلة، داعيا النساء إلى القيام  بالفحص الذاتي مرة واحدة في الشهر، ابتداء من اليوم السابع إلى اليوم الـ 11 من الدورة الشهرية، للتأكد من سلامتهما، لكنه أوضح أنّ الكتل الصغيرة التي تظهر على الثدي، ليست بالضرورة سرطانا، فأكثر من 80 بالمئة من اللواتي يقل أعمارهن عن 40 سنة تكون لديهنّ أورام حميدة، أما النساء الأكثر عرضة لهذا المرض الخبيث، فتتراوح أعمارهن بين 40 و50 سنة.

هكذا يتم التفريق بين الورم الخبيث و الحميد

ويضيف الطبيب أنّ سرطان الثدي مرض صامت، إذ يوجد تشابه بين أعراض الأورام الحميدة وتلك الخبيثة في بعض الحالات، مركزا على ضرورة الذهاب إلى الطبيب في حال ظهور كتلة على الثدي ليفحصها ويتأكد من نوعها، كما يجب استشارته عند سيلان الدم من الحلمة بصفة تلقائية، لأنه يمكن أن يكون له علاقة بسرطان الثدي، مضيفا أنّ الآلام التي تعاني منها بعض النساء على مستوى الثدي يمكن أن تكون لها علاقة بالأورام الحميدة مثل التكيس أو الورم الليفي الحميد، وإذا تأكد عدم إصابتها بهذه الأورام، فإن الآلام لها علاقة بهرمونات الدورة الشهرية خاصة عند الفتيات. و أكّد الدكتور دهينة بأن التشخيص المبكر يفيد في العلاج والشفاء التام، وفي حال تأخر المرأة في التشخيص فإن الخلية السرطانية يمكن أن تنتشر في مناطق أخرى من الجسم بعد ستة أشهر أو أقل، مضيفا أن اكتشاف الورم وهو صغير (أقل من 2 سنتيمرات)، يسمح باستئصاله دون اللجوء إلى الاستئصال الكلي للثدي، و أوضح الأخصائي أنه و في بعض الحالات، يتم أخذ خلايا أو أنسجة لمعاينتها، وهذا لا يعني بالضرورة وجود سرطان، إلاّ أنّ الطبيب ملزم بمعرفة نوع الورم الحميد لتحديد طريقة العلاج والتي تكون إما بالأدوية أو عن طريق الجراحة.

جائحة كورونا أثرت “بشكل كبير”على نوعية التكفل بالمصابين

أكد مختصون في طب الاورام ، أن جائحة كورونا أثرت “كثيرا” على نوعية التكفل بالمصابين بالأمراض المزمنة على العموم وبالسرطان على الخصوص.

وأوضحت الدكتورة أمينة عبد الوهاب مختصة في الكشف عن سرطان الثدي بالمؤسسة الاستشفائية المتخصصة في علاج السرطان بيار وماري كوري بالجزائر العاصمة بمناسبة احياء شهر أكتوبر الوردي لمكافحة سرطان الثدي أن الوضعية الصحية الاستثنائية التي تعيشها الجزائر على غرار بقية انحاء عالم نتيجة تفشي فيروس كورونا “اثرت كثيرا على نوعية علاج المصابين بالأمراض المزمنة سيما المصابات بسرطان الثدي باعتباره ينتشر بسرعة فائقة لدى بعض الفئات العمرية من النساء”.

وبالرغم من التنظيم الذي سطرته السلطات العمومية لتحسين التكفل بالسرطان إلا أن جائحة كورونا “أعاقت  كثيرا هذا التكفل “حيث سجل تأخر كبير في اجراء الفحوصات المبكرة بالماموغرافيا.-حسب هذه الاخصائية- بسبب غياب وسائل النقل والتخوف من العدوى بالفيروس بمراكز الفحوصات بالأشعة التي اصبحت تستقبل ايضا المصابين بكوفيد-19 .

وكشفت ذات المختصة من جهة أخرى عن انتقال الاصابة بسرطان الثدي من 300 حالة خلال سنة 1995 إلى 14 ألف حالة جديدة خلال سنة 2021 متوقعة ارتفاعها الى 18 الف حالة في سنة 2025 مؤكدة ان معظم الحالات التي تتقدم الى العلاج في الوقت الحالي “تصل في مرحلة متطورة جدا  من المرض ميؤوسة من الشفاء يصعب التكفل بها”.

ودعت في هذا المجال الى ضرورة توعية المجتمع للتخلص من الذهنيات “البالية” التي تقلل من خطورة هذا المرض الذي يوصف “بالخبيث” مما يؤدي الى التأخر في الكشف المبكر عنه و التكفل به وما يترتب عن ذلك من فقدان نساء في ريعان شبابهن.

كما شددت الدكتورة عبد الوهاب من جانب آخر على دور الطبيب  ووسائل الاعلام بمختلف انواعها في التوعية والتحسيس للتخفيض من معدل الاصابة بهذه الافة التي بلغت مستويات وصفتها “بالمخيفة ” خاصة وانها تصيب نساء يبلغ متوسط اعمارهن اقل من 45 سنة في الوقت الذي تتعرض فيه الاوروبيات الى هذا المرض في سن 60 فما فوق .

وإذا كانت عوامل السن والوراثة والهرمونية والتعرض لأشعة المصورة الطبية تلعب دورا هاما في الاصابة بهذا النوع من السرطانات غير ان هذه المختصة لا تقلل من اهمية العوامل البيئية والبدانة والتغذية غير الصحية والإدمان عن التدخين وقلة الحركة في الاصابة بهذا المرض الخبيث.

وأشارت من جانبها الدكتورة آسيا موساي مختصة في الأورام السرطانية لدى المرأة الى ان سرطان الثدي الشائع لدى هذه الفئة الاجتماعية يأخذ مدة حوالي 8 سنوات قبل ظهوره مما يستدعي -حسبها -القيام بالفحوصات المبكرة سيما الماموغرافيا للكشف عنه قبل استفحاله.

وأكدت في هذا الاطار أن الكشف عن الورم عند بلوغه 1 سم يتطلب اللجوء إلى الجراحة فقط معتبرة إياها العامل الاساسي في التكفل بسرطان الثدي مما يضمن الشفاء بنسبة 90 بالمائة في حين عندما يبلغ المرض مراحل متقدمة فانه يستدعي العلاج بالجراحة و الكميائي والاشعة .

وأوضحت ان هذا المرض عندما يبلغ هذه الدرجة من التطور لا يكون مكلف فحسب  بل تتضاءل فرص الشفاء منه ناهيك عن اعراضه الجانبية ومعاناة المريضة اجتماعيا ونفسيا.

وعبرت رئيسة جمعية “الامل” لمساعدة المصابين بالسرطان حميدة كتاب المنظمة لهذا اليوم التكويني والتوعوي لفائدة الصحفيين المختصين في الصحة عن اسفها للوضعية الوبائية التي أدت الى عزوف المصابين عن العلاج مما تسبب في تدهور وضعهم الصحي وتقليص نسبة الشفاء لديهم .

 

وطمأنت السيدة كتاب المصابات بوجود فرق طبية متخصصة بمختلف المراكز في انتظارهن لضمان استمرار العلاج والتكفل بهن على احسن وجه بالرغم من تفشي فيروس كورونا كاشفة من جهة اخرى عن مواصلة جهود الجمعية للكشف المبكر عن سرطان الثدي عن طريق العيادة المتنقلة المجهزة لهذا الغرض وذلك في اطار المخطط الوطني لمكافحة هذا الداء واستئناف هذا النشاط تدريجيا بعد تلاشي فيروس كوفيد-19.

وعبرت من جهة أخرى عن أسفها للانقطاعات المسجلة في بعض أنواع الأدوية الأساسية الموجهة لعلاج السرطان منذ بداية ظهور وباء كورونا.

وبخصوص تباعد مواعيد العلاج بالأشعة التي ما زالت تطرح الى حد الآن بالنسبة لمركزي بيار وماري كوري بالعاصمة والبليدة أكدت ذات المتحدثة أنه سيتم حل هذه المشكلة بعد التطبيق الفعلي للمنصة الرقمية التي اطلقتها وزارة الصحة والسكان واصلاح المستشفيات.

لمياء.ب