تتميز مدينة تنس الواقعة 55 كلم شمال الشلف، بصناعة الحلي التقليدية من الفضة، المرجان، الجوهر والأصداف البحرية التي تعرف رواجا كبيرا لدى مختلف زوار هذه المنطقة الساحلية، وتستعمل في تزيين العروس في أعراس المنطقة.
وأوضحت رئيسة جمعية أحلام للتبادل الثقافي خيرة بربري، أن المناطق الساحلية لولاية الشلف، وبالخصوص مدينة تنس اشتهرت منذ القدم بصناعة الحلي التقليدية من المرجان والجوهر الأصلي، نظرا لتوفر هذه المواد الأولية بها، لتصبح فيما بعد رمزا لهوية وتراث المنطقة.
إبداع الحرفيات يأسر الزوار
وأبرزت ذات المتحدثة أن هذه الحلي التي أبدعت أنامل الحرفيات والحرفيون في صناعتها، تعرف رواجا لدى مختلف زوار المدينة لاسيما خلال موسم الاصطياف، بينما أضحت من أهم عادات تزيين العروس في الأعراس التقليدية التي تقام بمنطقة الشلف.
ووفقا للسيدة بربري، فإن حلي المرجان والجوهر الأصلي أصبحت تلبس مع جميع الأزياء التقليدية التي ترتديها العرائس بالمناسبة (الأزياء الشاوية، القبائلية…)، فضلا عن إمكانية ارتدائها مع الأزياء العصرية، وهو ما جعلها تعرف انتشارا واسعا لدى مختلف فئات المجتمع.
حلي الشلف ترمز إلى هوية وعادات أهلها
وفي هذا الشأن، اعتبرت بشرى شاوش، حرفية من مدينة تنس، أن حلي المرجان والجوهر الأصلي هي علامة مسجلة في تراث منطقة تنس، حيث تسعى للتعريف بها والترويج لها عبر بقية مناطق الوطن.
وأفادت أن صناعة الحلي التقليدية من هذه المواد الأولية تتيح مزيدا من الخيارات أمام مقتنيها وتساهم كذلك في إبراز التنوع التراثي والثقافي الذي تزخر به مناطق ولاية الشلف خاصة والجزائر عامة، لاسيما أن كل ما يتم تصنيعه يرمز لهوية وعادات كل منطقة.
زينة ودلالة اجتماعية
بدوره، قال سليمان هني إن حلي المرجان والجوهر الأصلي تحمل من الرمزية والدلالة الاجتماعية ما يجعله لا يفوت أي مناسبة لاقتنائها لمختلف نساء عائلته، مع أخذ بعين الاعتبار أسعارها المقبولة مقارنة بأسعار الحلي من المعادن النفيسة.
الخلخال الفضي… حلي عريق ارتبط بتقاليد المنطقة
اشتهرت ولاية الشلف منذ عقود من الزمن بالخلخال الفضي، وهو أسورة تقليدية عريضة تزين بها المرأة ساقها ارتبطت بقيم اجتماعية وعادات خاصة متوارثة عن الأجداد، بحيث لا تزال عدد من النسوة غداة كل مناسبة يرتدينه ويتزين به، بينما يبرع حرفيون لغاية اليوم في تصنيعه وتشكيله.
وبهذا الخصوص قالت الحرفية المختصة في صناعة الحلي الفضية مليكة غوبالي سليلة عائلة غوبالي وهي أول عائلة اختصت في صناعة الفضة بالشلف منذ سنة 1940، إن رمزية الخلخال الفضي تتعدى قيمته الجمالية وترتبط بقيم وعادات اجتماعية ضاربة في تاريخ المنطقة.
فقطع الرديف المفتول العصابة والونايس (أقراط كبيرة الحجم) هي قطع مختلفة من الحلي الفضية التي كانت متداولة لدى نسوة الشلف، إلا أن الخلخال كان له من الأهمية ووجوب ارتدائه أكثر من بقية هذه القطع، وفقا لذات المتحدثة.
وكانت العروس وغيرها تتزين بالخلخال الفضي وكان الصوت الذي يحدثه عند مشي المرأة إيذانا بقدومها إلى مكان معين، وهو ما يدعو كل غريب لفسح المجال احتراما وتقديرا لها، كما أوضحت السيدة غوبالي.
ورغم قلة ارتداء النساء للخلخال الفضي اليوم، إلا أنه يبقى مرتبطا بتراث وقيم وعادات منطقة حوض الشلف، كما أشارت الحرفية التي يزاول شقيقها نفس الحرفة إلى جانب أفراد من عائلتها ويوفرون مثل هذه الحلي النادرة ذات الرمزية الثقافية والتاريخية.
ويتميز الخلخال الفضي بحوض الشلف بطوله الذي يصل إلى 25 سم، فيما يبلغ وزنه من 250 غرام فما فوق، وفقا لطلب الزبائن ويصنع من الفضة الخام دون استعمال الأحجار الكريمة ويزين بنقوش تعكس تقاليد وثقافة الشلف.
ويتكون الخلخال بصفة عامة من قطعتين مستديرتين من الذهب أو الفضة أو نحاس مطلي وتنتهي بقطعتين كرويتين.
كما يثبت في الخلخال بعض الجلاجل الصغيرة فتحدث صوتا رنانا أثناء السير، وهو ما يلفت اهتمام المارة بينما تختلف الخلاخل في الجزائر باختلاف مناطقها.
ق. م