دعت منظمة الصحة العالمية المجتمع الدولي للتضامن والعمل عبر استراتيجية جديدة للقضاء على مرض السل بحلول عام 2035م.
وأكدت المنظمة في بيان لها بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة السل، أن العالم أمامه الكثير من العمل للقضاء نهائياً على المرض، وتهدف الاستراتيجية الجديدة لمنظمة الصحة العالمية التي اعتمدتها الدول الأعضاء في الجمعية العامة للصحة العالمية العام الماضي إلى خفض أعداد الوفيات بسبب السل بنسبة 95 % بحلول عام 2035م، وكذلك خفض حالات الإصابات الجديدة بنسبة 90 %، وذلك عبر العمل على ثلاثة محاور وهي: العلاج وتقديم الرعاية الصحية للجميع، والتدابير الوقائية، وزيادة البحوث الطبية والدوائية الخاصة بمرض السل.
1000 مصاب بداء السل يرفضون العلاج
كشفت الإحصائيات الأخيرة، حول داء السل في الجزائر، أن عدد الأشخاص الذين لم يواصلوا العلاج، يقدر بـ1000 شخص، حيث يتواجدون من دون مراقبة طبية متواصلة، رغم أن علاج داء السل يتطلب 6 أشهر من المراجعة الطبية غير المنقطعة.
وحسب ما أكدته مصادر رسمية من مديرية الوقاية بوزارة الصحة، فإن حالات السّل خارج الرئوي عرفت ارتفاعا كبيرا، إذ تجاوزت الحالات عتبة 10 ألف حالة، والتي تعود الإصابة بها حسب الأخصائيين في الأمراض المعدية إلى استهلاك منتجات الحليب ومشتقاتها من دون بسترتها، والتي تكون حاملة لعصيات السل، حيث سجلت أكثر الحالات في ولايتي النعامة وتيارت.
وفي السياق ذاته، أشار ذات المصدر إلى أن أزيد من ألف مصاب بداء السل تخلوا عن مواصلة العلاج، إذ من المفروض أن يتوجهوا دوريا لتلقيه، وأخذ الأقراص التي تمنح لهم دوريا من أجل استكماله، إلا أنهم لم يعودوا بعد أيام من مباشرة العلاج.
وفي السياق ذاته، سجل معدل الإصابة بداء السل في الجزائر، ارتفاعا ملحوظا مقارنة بما كان عليه في السنة الماضية، كما أن الولايات الغربية لا تزال تحتل الصدارة من حيث نسبة الإصابات، مع تزايد عدد الوفيات المقدر بـ250 حالة وفاة.
وعلى صعيد ذي صلة، كشف البروفيسور سكحال، أخصائي في الأمراض المعدية والمتنقلة، أن سل الأبقار يعود بالدرجة الأولى إلى استنشاق ميكروب “البيكا” المسببة للسل، مؤكدا أنه لابد من تفادي شرب الحليب من دون غليه لوقت كافي، وأشار إلى أنه عادة ما يكون هذا الأخير ملوثا ليس فقط بسل البقر، وربما بميكروبات أخرى مثل “البروسيلا” و”التيفوئيد” وغيرها.
وقال البروفيسور إن الميكروب يتأثر بالحرارة ولا يتأثر بالجفاف ويقاوم المطهرات، بينما يموت في أشعة الشمس المباشرة، كما يعيش ميكروب السل في التربة الرطبة والسماد والمواد العضوية لعدة شهور أو أعوام، كما أن ميكروب السل يبقى حيا في الجبن الأبيض كامل الدسم لمدة عام، وفي الماء الجاري عاما كاملا.

المرض ينتشر عند النساء أكثر من الرجال
وتشير إحصائيات وزارة الصحة إلى أن الداء ينتشر عند النساء أكثر من الرجال بنسبة 60 بالمائة، أي 6 نساء مقابل 4 رجال، وتعتبر الحالات خارج الرئة التي تصيب الأعضاء الأخرى للجسم حالات غير معدية لأن البكتيريا المتسببة في المرض تنتشر خاصة في الأعضاء التي تحتوي على نسبة كبيرة من الأكسيجين مثل الرئة، كما أن بعض الحالات غير الرئوية هي حالات مميتة إذا مست الأعضاء النبيلة مثل الكلى.
271 مصلحة للتكفل بالمصابين بداء السل عبر كامل القطر الجزائري
ويتم التكفل بالمصابين بعد تشخيص المرض في 271 مصلحة مكافحة السل عبر القطر، من خلال وصف ثلاثة مضادات حيوية لمدة شهرين ثم الأدوية المرافقة لها لمدة 4 أشهر، ولكن هناك بعض النقائص المسجلة في تشخيص حالات السل خارج الرئة وذلك لضعف تكوين بعض الأطباء من جهة، ونقص الوسائل والتقنيات العصرية المتعلقة بهذا الكشف التي تتوفر بمعهد باستور الجزائر فقط.
مرض السل.. وضرورة معالجته الصحيحة
قدّم الباحثون من جامعة شيفيلد ببريطانيا نتائج لافتة للنظر حول معدلات انتشار الإصابات بمرض السل في العالم ضمن دراستهم الأخيرة.
وأفاد الباحثون أن المعدلات العالمية لإصابات الأطفال بمرض السل هي في الواقع أعلى مما كان يُعتقد من قبل، ولاحظوا أن أكثر من 650 ألف طفل يُصابون كل عام بمرض السل في 22 بلدا بالعالم، وهي معدلات أعلى بنسبة 25 في المائة مما كان عليه الحال عالميا في عام 2012 وفق تقرير منظمة الصحة العالمية.
وأضاف الباحثون أن 15 مليون طفل يتعرضون في كل عام لميكروبات السل، وأن هناك نحو 53 مليون طفل سبق تعرضهم لميكروبات السل وهم حاليا عُرضة لتطور حالتهم الصحية إلى حد أن ينشط الميكروب في أجسامهم ويتحولوا ليكونوا مرضى بالسل، كما لاحظ الباحثون أن الهند هي الأعلى عالميا في إصابات الأطفال بالسل، بنسبة 27 في المائة من الإصابات العالمية للسل لدى الأطفال. وأشاروا إلى أن حالات السل لدى الأطفال لا يُنتبه لها لدى 65 في المائة من حالات سل الأطفال، مقارنة بنحو 34 في المائة من حالات السل لدى البالغين.
عدوى السل
السل هو مرض تسببه أحد أنواع البكتيريا ذات شكل العصي، أو العصيّات، وتسمى بكتيريا تيوبيركيلوزس، ويُترجم الاسم بالعربية إلى المتفطرة السلية، وتهاجم بكتيريا السل أنسجة الرئة بالدرجة الأولى، إلاّ أنها أيضا قد تُصيب أنسجة أعضاء أخرى كالغدد الليمفاوية أو الكلى أو العظام أو غيرها، وتنتقل بكتيريا السل من الشخص المُصاب إلى السليم عبر استنشاق رذاذ إفرازات الجهاز التنفسي حينما تتطاير في الهواء خلال عملية العطس أو السعال أو حتى الكلام. وتزداد احتمالات الإصابة لدى الأشخاص الذين لديهم أمراض مزمنة تتسبب بتدني قوة جهاز مناعة الجسم أو تناول الأدوية المثبطة لقوة جهاز مناعة الجسم أو وجود أمراض مزمنة في الرئة.
وتصنف عدوى مرض السل إلى نوعين، عدوى كامنة أو عدوى نشطة. وفي العدوى الكامنة لا يشعر المريض بأي من أعراض السل، نظرا لوجود البكتيريا في حالة غير نشطة داخل جسمه، أما في حالة العدوى النشطة، فتظهر على المريض أعراض وجود البكتيريا النشطة في جسمه مثل:
– السعال الذي يستمر لأكثر من ثلاثة أسابيع أو الذي لا يتعافى منه المريض.
– الحمى.
– فقدان الوزن أو فقدان الشهية.
– الشعور بالضعف والتعب.
– ألم الصدر.
– التعرق ليلا.
وفي حال الشك بالإصابة بالسل، يتم إجراء اختبار للجلد للتأكد من الإصابة بالمرض، وإذا كانت نتيجة الاختبار مؤكدة فإن ذلك يعني ضرورة إجراء اختبار للدم والبلغم وأشعة سينية على الصدر للتحقق ما إذا كانت هناك إصابة نشطة بالسل أم لا. كما سيتم إجراء اختبار الجلد لأفراد أسرة الشخص والأفراد الآخرين الذين يعيشون معه. وتعني النتيجة السلبية للاختبار في الغالب عدم وجود إصابة بهذا المرض. ولكن قد تكون النتيجة غير حاسمة للطبيب إذا كان هناك ضعف في تفاعلات جهاز مناعة الجسم مع مكونات الاختبار، خاصة إذا كانت نتيجة اختبار الجلد سليبة، بينما أعراض المرض لا تزال ظاهرة على الشخص.
أدوية فعالة
إذا كانت نتيجة اختبار الجلد مؤكدة وتأكدت لدى الطبيب الإصابة بالسل، فسيقوم بالإرشاد إلى تناول الأدوية التي تقضي على ميكروبات السل في الجسم. ومن المهم ملاحظة ضرورة تناول الأدوية حسب إرشادات الطبيب، وقد تحتاج الحالة لتناول أكثر من نوع واحد من الدواء لعلاج مرض السل، ذلك لوجود بكتيريا مقاومة لبعض المضادات الحيوية إذا تم تناولها بمفردها، ولذا يصف الطبيب عددا من أنواع المضادات الحيوية التي يجب تناولها جميعها وفق إرشادات الطبيب دون تهاون أو إهمال طوال الفترة التي يُقررها الطبيب المعالج، وتحديدا تناول الدواء لمدة تتراوح ما بين 6 إلى 24 شهرا.
وقد يؤدي توقف المريض عن تناول الدواء قبل الوقت المحدد إلى انتقال العدوى إلى أشخاص آخرين، وأيضا نشوء قوة لدى بكتيريا السل تجعلها تُقاوم مفعول المضادات الحيوية ما يجعل معالجة المريض أصعب. ولذا على مريض السل تذكر أنه إذا لم يأخذ علاجه بطريقة صحيحة، فإن مرض السل يمكن أن يعود إليه ويمكن أيضا أن تنتشر ميكروبات السل في جسمه مرة أخرى. والأهم أن أدوية معالجة السل قد تصبح غير قادرة علي قتل ميكروبات السل الموجودة في جسمه، مما قد يجعل من الصعب جدا أن يتخلص من مرض السل الموجود لديه.
وبالنسبة للشخص المريض بالسل، عليه الاهتمام بحماية الأشخاص غير المصابين الذين يُخالطونه أو يعيشون معه، وذلك عبر تغطية الفم عند العطس أو السعال أو الضحك. والحرص على غسل اليدين دائما. والالتزام بنصائح الطبيب وبكافة مواعيد الزيارات الطبية. كما يجب على المريض التواصل مع الطبيب على الفور في الحالات التالية:
– إذا زادت حدة السعال.
– خروج دم مع السعال.
– صعوبة التنفس.
– فقدان الوزن مع تناول الوجبات الصحية.
– الإصابة بالحمى والتعرق ليلا.
– تحول لون البول إلى اللون البني أو لون البراز إلى اللون الرمادي.
وهناك لقاح للسل يُسمى لقاح “بي سي جي”، وهو الاسم المختصر للقاح “عصيات كالميت – جويرين”، ويُعطى لقاح “بي سي جي” لمحاولة منع الإصابة بمرض السل في البلاد التي ينتشر فيها السل. ومن الضروري ملاحظة أن الناس الذين سبق لهم أخذ لقاح “بي سي جي” لا يزالون معرضين للإصابة بمرض السل.