“حلاج النهايات”… جديد الشاعر عبد الحاكم بلحيا

“حلاج النهايات”… جديد الشاعر عبد الحاكم بلحيا

” الشعر هو لسان الأشياء في الوجود، هو اللغة الكونية التي تسمح للكائنات بالتكلّم عبرَها”، يقول الشاعر الجزائري عبد الحاكم بلحيا الذي يحتفل بباكورته الشعرية التي صدرت منذ أيام بعنوان “حلاج النهايات” عن دار ميم، مازجا بين الأشكال الشعرية المختلفة .

ويرجع بلحيا- في حديث لموقع الاذاعة الجزائرية- تأخر نشر شعره الى عدة عوامل من بينها التأني لانضاج التجربة من جهة ولصعوبة النشر في الجزائر بسبب الشللية والمحسوبية في القطاع، مؤكدا  أن إصدار مجموعة شعرية هو فعل فنّيّ، وثقافيّ، واجتماعي؛  مضيفا أن هناك عاملا نفسيّا شخصيّا هو التحرُّز والتحرُّج من “عرضِ ذاتي على الناس”، معقبا “تردّدتُ كثيرا قبل أن أُقدِم على نشر بعض نصوصي في الفايسبوك. هذا التردّد والتحرّز منحني وقتًا لأن أثبِت قدميّ وأقف على أرض الكتابة، ومن ناحية أخرى أضاع عليّ فُرَص الاستفادة من قراءة الآخرين لكتاباتي، وهكذا تركتُ “حروفي” تنمو وتستوي في بيئة مغلقة لا يدخلها سواي إلّا عبر ما أقرأ وأطالع. وأثناء هذه الفترة رحتُ أتخلّص من نصوصي كلّما تقدّمت مرحلة بعد أخرى، أما العامل الآخر حسب بلحيا فهو العامل المادّي، علاوة على الطريق إلى دور النشر، الذي غالبًا ما تحكمه “المعرفة والعلاقات الشخصية”، وانعدام منابر ثقافية تُعنَى بالنصّ “الحقيقيّ”، وهي التي من المفترض أن تكون جسر عبور “العمل” إلى هيئات الطبع والنشر التي طغى عليها الهاجس التجاري المحض في زمننا، يضيف ضيف الاذاعة.

ويذهب الشاعر أبعد من ذلك منتقدا الأنساق الثقافية التي تغيب الحوافز والتثمين للفعل الإبداعي، إذ أنّ غياب الحافز (بمعناه الواسع) إلى الكتابة والتشارك الإبداعي والثقافي يُلقي بظلاله على الوضع العامّ برُمّته.

وتضم هذه المجموعة آخر ما كتب الشاعر من نصوص، إذ أغلبها أُنجز خلال سنتي: 2019 و2020، مع وجود نصوص مكتوبة قبل ذلك أدرجت فيها لانسجامها مع روح المجموعة يؤكد بلحيا، مضيفا أنّ هناك نصوصا أخرى كتبها في السنتين الأخيرتين (منها مثلا نصوص كُتبت في سياق الحراك) لم تدرج في هذه الباكورة كاشفا عن رغبته في نشرها في مجموعة على حِده.

وتمزج نصوص “حلّاج النهايات” بين الأشكال الشعرية المنثورة والموقعة تفعيليا وحتى العمودي.

وحول خيار الانتقال بين الأشكال، يقول ضيف ملتيميديا الإذاعة الجزائرية: “اللغة بما هي مؤسّسة لا تعني الشاعر، الشاعر تعنيه الكلمة. والكلمة في الشعر هي ذات مستقلّة. وليست مجرد اسم أو وصف أو ما شابه… وهي مطيّة الشاعر في ذهابه وإيابه من الشعر وإليه. وحين لا يكون الشاعر أسيرًا لشكلٍ بعينه، فيتنقّل بسماحة وحُرّية بينها، أو يميل -عن اختيار لا اضطرار- إلى أحدها.

وحول مفهومه للشعر، يقول المتحدث ذاته “الشعر هو لسان الأشياء في الوجود، هو اللغة الكونية التي تسمح للكائنات بالتكلّم عبرَها. أمّا الشعر بمعناه العمليّ؛ فهو قطعًا ليس تجميع كلمات أو توقيعها (من الإيقاع)، بل هو: تجربة، وموقف، وطريق.. تجربة وجودية، ومسلَك حياة؛ تصطبغ به في كل حركة منك. -ما الشعر بالنسبة لك، وكيف تتعامل مع اللغة؟ – الشعر بالنسبة لي فعلُ وجود (حضور/ حياة)، وانخراط في الوجود (الكَون). وأنا أعيشه على الطبيعة والبداهة في كل حركتي اليومية. أمّا في تلبُّس الشعر باللغة؛ فأنا أتواصل مع الكلمة بما هي نغم كونيّ، نعبُر خلالَه إلى حالةٍ من التكُّثّف والانصهار والغوص والسبْح الذي عادةً ما يُخرجنا منه فعلُ الكتابة (بمفهومها العمليّ) ذاتُه؛ فالشعر غيبوبة واستغراق، والكتابة لحظة انتباه ووَعي”.

ب/ص