حكم الاعتكاف في مصليات البيوت

حكم الاعتكاف في مصليات البيوت

لدخول العشر الأواخر من رمضان، وحيث إن المساجد مغلقة بسبب وباء كورونا، كَثُرَ السؤال عن حكم الاعتكاف في مصليات البيوت، وقبل الإجابة على هذا السؤال نذَكِّر بأنَّ النصوص الشرعية دلت على أنَّ من داوم على عمل صالح، وانقطع عنه بغير اختياره – كالانقطاع عن الجُمَع، وعن الجماعة في المساجد، والمشي إليها، والعمرة في رمضان، والاعتكاف فيه، وغير ذلك – فله أجر العامل سواء بسواء؛ فعن أبي موسى رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا مرض العبد، أو سافر، كُتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا” رواه البخاري، ويقاس على المرض والسفر سائر الأعذار، والله أعلم. وكذلك من وجدتْ منه إرادة جازمة وبذل وسعه، ولم يتمكَّن من العمل، فله أجر العامل؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع من غزوة تبوك، فدنا من المدينة، فقال: “إنَّ بالمدينة أقوامًا، ما سرتم مسيرًا، ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم”، قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة؟ قال: “وهم بالمدينة، حبسهم العذر”؛ رواه البخاري.

وعن سهل بن حنيف رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من سأل الله الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه” رواه مسلم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: المريد إرادة جازمة مع فعل المقدور، هو بمنزلة العامل الكامل. والأمر لا يتعلَّق بفعل الخير، فكذلك فعل الشر، فمن عزم عليه وفعل وسعه، فعليه إثم الفاعل؛ فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار”، فقلت: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: “إنَّه كان حريصًا على قتل صاحبه”؛ رواه البخاري ومسلم.