ذكر ابن هشام: أنَّ قريشاً قامت بهدم الكعبة وبنائها، وكان عمره صلى الله عليه وسلم خمساً وثلاثين عاماً، ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يمتاز بشرف وضعه في مكانه، واستمر النزاع أربع ليال أو خمسًا، واشتد حتى كاد يتحول إلى حرب ضروس في أرض الحرم، إلاَّ أن أبا أمية بن المغيرة المخزومي عرض عليهم أن يُحكِّموا – فيما شجر بينهم – أول داخل عليهم من باب المسجد فارتضوه، وشاء الله تعالى أن يكون ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأوه هتفوا: هذا الأمين، رضيناه، هذا محمد، فلما انتهى إليهم، وأخبروه الخبر، طلب رداء، فوضع الحجر وسطه، وطلب من رؤساء القبائل المتنازعين أن يمسكوا جميعًا بأطراف الرداء، وأمرهم أن يرفعوه، حتى إذا أوصلوه إلى موضعه، أخذه بيده، فوضعه في مكانه.