حقيقة عذاب ونعيم القبر

حقيقة عذاب ونعيم القبر

يجب علينا أن نعلم أن هذا النعيم والعذاب أمر غيبي لا نطلع عليه؛ لأننا لو اطلعنا عليه ما دَفَنَّا أمواتنا؛ لأن الإنسان لا يمكن أن يُقِّدم ميِّته لعذاب يسمعه، يفزع؛ لأن الكافر أو المنافق إذا عجز عن الإجابة يضرب بمرزبة – قطعة من الحديد مثل المطرقة – من حديد، فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ولو سمعها الإنسان لصُعِق”. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “لولا أن تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم عذاب القبر”. ولكن من نعمة الله أننا لا نعلم به حسًّا، بل نؤمن به غيبًا ولا ندركه حسًّا. كذلك لو كان عذاب القبر شهادة وحسًّا لكان فيه فضيحة! إذا مررت بقبر إنسان وسمعته يعذَّب ويصيح ففيه فضيحة له. لكن من رحمة الله سبحانه وتعالى أن الله جعله غيبًا لا يُعلمُ عنه، فلا يأتي شخص ويقول: إننا لو حفرنا القبر بعد يومين لم نجد أثرًا للعذاب! نقول: لأن هذا أمر غيبي، على أن الله تعالى قد يطلع على هذا الغيب من شاء من عباده، فربما يطلع عليه، فقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بقبرين في المدينة، وقال: “إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبيرة، أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة”، فأطلَعَ الله نبيه على هذين القبرين أنهما يعذبان. فالحاصل أنه يجب علينا أن نؤمن بفتنة القبر، وهي سؤال الملكين عن ربه ودينه ونبيه، وأن نؤمن بنعيم القبر أو عذابه. ومما يدخل في الإيمان باليوم الآخر أن يؤمن الإنسان بما يكون في نفس اليوم الآخر؛ وذلك أنه إذا نُفخَ في الصور النفخة الثانية قام الناس في قبورهم لله رب العالمين حفاة ليس عليهم نعال، وعراة ليس عليهم ثياب، وغرلًا ليس مختونين، وبُهمًا ليس معهم مال، كل الناس حتى الأنبياء والرسل يُبعثون هكذا؛ كما قال الله تعالى ” كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ” الأنبياء: 104، فكما أن الإنسان يخرج من بطن أمه هكذا عاريًا غير منتعل، غير مختون، ليس معه مال، فكذلك يخرج من بطن الأرض يوم القيامة على هذه الصفة، يقومون لرب العالمين الرجال والنساء، والصغار والكبار، والكفار والمؤمنون.

 

من موقع إسلام أون لاين