حقوق النبات على الإنسان في الإسلام

   حقوق النبات على الإنسان في الإسلام

 

إن للنبات على الإنسان حقوقاً ، لأنه يعطيه خيرات كثيرة ومنافع كبيرة ، وفوائد عظيمة ، وبالتالي فعلى الإنسان أن يقابلها بالحقوق وليس بالعقوق ، وبالشكران وليس بالكفران ، وبالاصلاح وليس بالافساد ، وبالتعمير بدل التدمير ، وبالتنمية والتطوير وليس بالتخلف والتفجير .ونستطيع أن نلخص هذه الحقوق بما يأتي :

أولاً ـ  حق الحياة والبقاء والحفاظ على النبات بكل أنواعه ، وما يتعلق بهذه المسألة ما شرعه الله تعالى من استصلاح الأرض وتمهيدها لزراعة النبات بجميع أنواعه ، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل في مقابل هذا التعمير والتمهيد حق الملكية الكاملة للأرض التي استصلحت فقال صلى الله عليه وسلم : ” من أحيى أرضا ميتةً فهي له ” وأكثر من ذلك فإن الخليفة الراشد عمر رضي الله عنه كان يعطي مهلة ثلاث سنوات لمن أقطعت له الأرض ولم يستصلحها ، فقد قال لبلال بن الحارض المزني : ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقطعك لتحجره عن الناس ، إنما أقطعك لتعمل فخذ منها ما قدرت على عمارته ، وردّ الباقي”،

ومما يرتبط بهذا الحق أيضاً عمليات التلقيح والتهذيب والسقي وإزالة كل ما يضره.

ثانياً ـ حق النبات في تكثيره بالغرس ، وتقويته بكل الوسائل المتاحة ” ثقافة الغرس والتشجير ”  :ومما يرتبط بحق النبات هو السعي الدائب لتكوين تربية ، وثقافة خاصة بحب الغرس والتشجير للجيل الحاضر والجيل اللاحق .ونذكر هنا ما روى أن : (رجلاً مرّ بالصحابي الجليل أبي الدرداء رضي الله عنه وهو يغرس جوزة ، فقال : أتغرس هذه وأنت شيخ كبير ، وهي لا تثمر إلاّ في كذا وكذا عاماً ، فقال أبو الدرداء : ” ما عليّ أن يكون لي أجرها ، ويأكل منها غيري ” وحديث الأمر بغرس الفسيلة إذا جاءت القيامة أكثر دلالة على ذلك .بل على الدولة أن تكون قدوة ، وأن تساعد الشعب على ذلك وتشجع ، حيث روى : ” أن عمر بن الخطاب قال لخزيمة بن ثابت : ما يمنعك أن تغرس أرضك ؟ فقال : أنا شيخ كبير أموت غداً ! فقال عمر : ” أعزم عليك لتغرسها ، وقام عمر وغرس الأرض مع صاحبها ” .

ثالثاً ـ عدم الاعتداء عليه :حيث لا يجوز إتلافه وإهلاكه ، ولا قطعه إلاّ لضرورة أو حاجة ، أو منفعة دون اسراف ولا تبذير. فبالنسبة للمسألة الأولى فقد سمى الله تعالى الذين يهلكون الحرث والنسل بالمفسدين فقال تعالى ” وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ “، ومن المعلوم أن أشد العقوبات هي عقوبة الفساد في الأرض فقال تعالى : ” إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ “، وقد كان من وصايا الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه النهي عن تقطيع الشجر ، وتغريق النخيل ، وتحريقها. وأما بالنسبة للإسراف في قطع النبات ، أو صرفه فقد نص القرآن على النهي عنه بعد ذكر عدد من النباتات ، فقال تعالى : ” وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ”.