إن انشغال الناس بمتابعة وسائل الإعلام التي تنقل لهم آخر أخبار مستجدات مرض كورونا؛ من حيث أعداد الإصابات والوفيات، وكذلك مشاهدتهم لصور مؤلمة وسماعهم لكلام خبراء في المنظمات الصحية أنه لا علاج للوباء في القريب العاجل، كل هذه الأمور وغيرها جعلت لوباء كورونا آثارًا نفسية، ظهرت عند البعض في صور قلق، وحزن، ساعد على ذلك الشيطان عدو الإنسان، الذي لا يكل ولا يملُّ في إعلان حربه على الإنسان بوسائل متعددة، منها: إدخال القلق والحزن عليه، قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: الشيطان حريص على إدخال القلق والحزن على الإنسان بقدر ما يستطيع. ويزداد هذا القلق والحزن عند من يعيش وحيدًا لا جليس ولا أنيس له، فالشيطان يزيد العبد وهنًا وضعفًا إذا كان وحيدًا.
وهذا الخوف الشديد من وباء كورونا قد يتحول مع مرور الأيام إلى مرض قلبي “نفسي” يعذِّب صاحبه، قال العلامة ابن القيم رحمه الله: وهل العذاب إلا عذاب القلب، وأي عذاب أشدُّ من الخوف والهم والحزن وضيق الصدر. ويقول الدكتور رشاد علي عبد العزيز موسى أستاذ الصحة النفسية: يعتبر القلق أساس جميع الأمراض النفسية. لذلك فإن آثار وباء كورونا النفسية تؤثر على من أُصيب بها، عاجلًا أو آجلًا، إن لم تتدارك بالعلاج، وهذه خمسة حصون تعين على الوقاية منها ومقاومتها، أسأل الله أن ينفع بها:
الحصن الأول: الإيمان
الإيمان بقضاء الله وقدره: ومعناه: التصديق بأن الله سبحانه علم مقادير الأشياء وأزمانها قبل وجودها، ثم كتبها في اللوح المحفوظ، ثم أوجدها بقدرته ومشيئته، في مواعيدها المقدرة، فكل مُحدث من خير أو شر فهو صادر عن علمه وتقديره، ومشيئته وإرادته، ما شاء كان، وما لم يشاء لم يكن”. والعبد إذا عَلِمَ أن الله عز وجل هو المدبر لجميع الأمور، لا معقِّب لحكمه، ولا راد لأمره، لا مانع لما أعطى، ولا مُعطي لما منع، ما شاء كان، وما لم يشاء لم يكن، وأنه يُقدِّرُ على العباد ما يريد من نفع وضر، وأن العباد كلهم طوع تدبيره، لا خروج لأحد منهم عن نفوذ مشيئته وشمول قدرته، عند ذاك فإنه يُسلمُ أمره لربه، فينشرح صدره، وتذهَب مخاوفه، وينجلي قلقه، قال الشيخ أبو بكر الجزائري رحمه الله: الإيمان بالقدر وسيلة إلى الصبر والتحمل والطمأنينة والسكون، ويثمر طمأنينة القلب وهدوءه وهدايته.