يُعرّف الأطباء حصوات المرارة بأنها ترسّبات صلبة، تتكون من مكونات سائل المرارة، ولأن كيس المرارة هو المكان الذي يمضي فيه سائل الصفراء غالبية وقته، فإن الحصوات في الغالب تتكون في كيس المرارة. وتظهر آلام حصوات المرارة غالباً بعد تناول الأطعمة الدهنية، حينما تنقبض المرارة لتدفع سائل الصفراء إلى الأمعاء.
ولا تحتاج الحصوات المرارية التي لا تسبب أي علامات أو أعراض في العادة إلى علاج. ولكن يحتاج عادةً الأشخاص الذين لديهم أعراض مرضية من حصوات المرارة إلى الاستئصال الجراحي للمرارة والحصوات التي تكونت فيها.
أنواع الحصوات وكيفية التعامل معها
هناك عدة أنواع من الحصوات المرارية التي قد تتكون في المرارة نفسها أو قنوات الصفراء، ومن أهمها:
– حصوات الكولسترول المرارية، وهي النوع الأكثر شيوعاً من بين حصوات المرارة، وهي صفراء اللون، وتحتوي بشكل أساسي على الكولسترول غير المُذاب.
– حصوات المرارة الصبغية، وهذه النوعية من الحصوات ذات لون بني غامق أو أسود وتتكون نتيجة احتواء سائل الصفراء على الكثير من صبغات البيليروبين.
ولا يزال من غير الواضح على وجه الدقة أسباب تكوُّن حصوات المرارة. ولكن الأطباء يطرحون عدة تفسيرات، تشمل:
– احتواء عصارة سائل الصفراء على كميات عالية من الكولسترول يتطلب أن يحتوي سائل الصفراء كذلك على مواد كيميائية بكميات كافية لاستمرار إذابة الكولسترول الذي يفرزه الكبد، حتى يصل إلى الأمعاء. وإذا كان الكبد يفرز كمية من الكولسترول أكبر مما قد تذيبه تلك المواد الكيميائية في العصارة الصفراء، فربما يتحول الكولسترول الزائد إلى بلورات، وتتحول في النهاية إلى حصوات.
– تحتوي العصارة الصفراء على الكثير من مادة البيليروبين. والبيليروبين مادة كيميائية ينتجها الجسم عندما يقوم بتكسير خلايا الدم الحمراء. وارتفاع نسبة البيليروبين في سائل الصفراء عامل مهم في ارتفاع احتمالات تكوين حصوات المرارة. وبعض الحالات المرضية قد تتسبب في ارتفاع نسبة البيليروبين في سائل الصفراء، مثل تشمع الكبد، والتهابات القناة الصفراوية، وبعض حالات اضطرابات وأمراض الدم.
– عدم إفراغ المرارة لمحتوياتها بشكل صحيح تام أو بمعدل كافٍ يُؤدي إلى أن تُصبِح العصارة الصفراء شديدة التركيز، وهذا ما يسهم في تكوُّن حصوات المرارة.
ما هي عوامل خطورة الإصابة؟
هناك عوامل ترفع من احتمال تكوين حصوات المرارة لدى الشخص، ومن أهمها:
– كون الشخص أنثى.
– بلوغ الأربعين سنة من العمر وما فوق ذلك.
– وجود زيادة في الوزن.
– الفقدان السريع للوزن، إذا كنتَ تحتاج إلى إنقاص وزنكَ، فقم بتنفيذ ذلك ببطء.
– تقلبات مقدار الوزن بين الزيادة والنقصان.
– تَخَطِّي الوجبات يُمكن أن يَزيد من خطر التعرُّض لحصوات المرارة.
– الكسل البدني وقلة الحركة والنشاط.
– تناول أطعمة عالية المحتوى بالدهون والكولسترول.
– تدني تناول الألياف الغذائية.
– وجود مرض السكري.
– وجود أمراض مزمنة بالكبد.
– وجود تاريخ عائلي للإصابة بحصوات المرارة.
– وجود أمراض في الدم تتسبب في تكسير خلايا الدم الحمراء.
– تناول الأدوية التي تحتوي على الأستروجين، مثل وسائل منع الحمل عن طريق الفم أو أدوية العلاج بالهرمونات.
الأعراض والمضاعفات
عادة لا تتسبَّب حصوات المرارة في ظهور أي علامات أو أعراض. ولكن في حالة انحشار إحدى حصوات المرارة داخل ممر مسبِّبة انسداداً، فإن العلامات والأعراض الناتجة قد تتضمَّن:
– ألماً مفاجئاً ومتصاعداً بسرعة في الجانب الأيمن العلوي من البطن.
– ألماً مفاجئاً ومتصاعداً بسرعة في منتصف البطن، أسفل عظام الصدر مباشرة.
– ألماً في الظهر بين لوحَيِ الكتف.
– ألماً في الكتف اليمنى.
– الغثيان أو القيء.
وقد يستمرُّ ألم الحصوة المرارية من عِدَّة دقائق إلى بضع ساعات، ولكن يجدر البحث عن الرعاية الطبية العاجلة في حالة حصول علامات وأعراض مضاعفات خطيرة لحصوة المرارة، مثل:
– ألم قوي في البطن يجعل المريض غير قادر على الجلوس ساكناً ولا يستطيع أن يجد وضعاً مريحاً.
– اصفرار الجلد واصفرار بياض العين.
– حُمى شديدة وقشعريرة.
مضاعفات المرض
يلخص الأطباء مضاعفات الحصوات المرارية فيما يلي:
– التهاب المرارة: قد تتسبب الحصاة التي استقرت في عنق المرارة في التهاب المرارة. ويمكن لالتهاب المرارة التسبب في ألم شديد وحمى.
– انسداد القناة المشتركة للصفراء: قد تسد حصوات المرارة الأنابيب، التي تتدفق من خلالها الصفراء من المرارة أو الكبد إلى الأمعاء الدقيقة. وقد ينتُج عن ذلك ألم شديد ويرقان وعدوى القناة المرارية.
– انسداد قناة البنكرياس: قناة البنكرياس هي أنبوب يمر من البنكرياس ويتصل بالقناة المشتركة للصفراء قبل دخول الاثنا عشر مباشرة. تتدفق عصارة البنكرياس التي تساعد على الهضم من خلال قناة البنكرياس.
– قد تسبب حصاة المرارة انسداد قناة البنكرياس؛ ما قد يؤدي إلى التهاب البنكرياس. يسبب التهاب البنكرياس ألماً شديداً ومستمرّاً في البطن ويتطلب عادةً الإقامة في المستشفى.
التشخيص
عند شك الطبيب بوجود حصوات المرارة، وفق المعطيات من شكوى المريض والأسئلة التي يُجيب عليها، يُجرى تصوير البطن بالموجات فوق الصوتية، وهي الخطوة الحاسمة في غالب الحالات للكشف عن مؤشِّرات الإصابة بحصوات المرارة، وغالباً توضح وجود الحصوات.
ولكن الحصوات الصغيرة التي يمكن ألا يُظهرها تصوير الأشعة الصوتية عبر جدار البطن، قد تتطلب نوعاً أدق باستخدام التنظير الداخلي بالتصوير فوق الصوتي، حيث يُستخدم المنظار عبر الفم، للوصول إلى الاثنا عشر لتصوير المرارة والقنوات الصفراء الخارجة منها إلى الأمعاء أو قنوات الصفراء المقبلة من الكبد إلى المرارة.
وقد يلجأ الطبيب في حالات محددة إلى التصوير الكبدي الصفراوي باستخدام حمض الأمينوديكتيك، أو التصوير المقطعي، أو تصوير القناة الصفراوية والبنكرياس بالرنين المغناطيسي. كما قد تكشف اختبارات الدم عن وجود عدوى، أو يرقان، أو التهاب البنكرياس، أو غيرها من المضاعفات التي تسبِّبها حصوات المرارة.
وفي تصوير الأقنية الصفراوية والبنكرياس بالتنظير الداخلي بالطريق الراجع ERCP، تُستخدم صبغة لتمييز قنوات المرارة وقناة البنكرياس في صور الأشعة السينية. ويُجرى تمرير أنبوب رفيع ومرن (منظار داخلي) ومزود بكاميرا في نهايته عبر الحلق ثم إلى الأمعاء الدقيقة. وتدخل الصبغة إلى القنوات من خلال أنبوب مجوّف صغير (القسطرة) يُمرر عبر المنظار الداخلي. ويمكن إزالة حصوات المرارة المكتشَفة باستخدام تصوير القنوات الصفراوية والبنكرياس بالمنظار بالطريق الراجع أثناء الإجراء.
خيارات العلاج الجراحي
دواعي الاستئصال الجراحي: لن يحتاج معظم الأشخاص المصابين بحصوات المرارة التي لا تُسبِّب أعراضاً إلى علاج. ولذا قليلا ما تُجرى عملية استئصال المرارة لعلاج حصوات المرارة المزعجة والمضاعفات التي تسببها.
ق. م