حصاد الرياضة العالمية… فرنسا تكرس التفوق الأوروبي والعرب خارج الإطار

elmaouid

طوت سنة 2018 صفحاتها الأخيرة لترسم إنجازاتها الرياضية العالمية بأحرف من ذهب في التاريخ، وتظل محفورة في أذهان عشاق الساحرة المستديرة والتي تبقى اللعبة الشعبية الأولى في العالم.

 

سنة 2018 حقق خلالها المنتخب الفرنسي لقبه العالمي الثاني في مونديال روسيا الذي يبقى الحدث الرياضي الأبرز، وبسط ريال مدريد الإسباني سيطرته على رابطة الأبطال الأوروبية بعد تتويجه باللقب عدد 13 في تاريخه، والثالث له على التوالي قبل أن يحسم لقب مونديال الأندية الثالث له على التوالي أيضا، وكسر الكرواتي مودريتش “شوكة” كريستيانو رونالدو وميسي وسيطرتهما على لقب الأفضل في العالم من خلال تتويجة بالكرة الذهبية…

وضمنت أوروبا الفوز بكأس العالم لكرة القدم للمرة 12 في تاريخ المسابقة، وللمرة الرابعة على التوالي بعد خروج كل من الأوروغواي والبرازيل من ربع نهائي النسخة الأخيرة بروسيا. وفرضت المنتخبات الأوروبية سيطرتها على المسابقة خلال النسخ الأربع الأخيرة، إذ تُوّج منتخب إيطاليا بنسخة 2006، و إسبانيا بنسخة 2010، و ألمانيا بنسخة 2014 وفرنسا بنسخة 2018. وخلال تاريخ المسابقة وإلى غاية نهاية نسخة 2002، كانت منتخبات أمريكا الجنوبية قد حققت 9 ألقاب، مقابل 8 لأوروبا، لكن النسخ الأربع الأخيرة منحت التفوق لأوروبا، وقد يكون من الصعب على ممثلي القارة الأمريكية الجنوبية اللحاق بالأوروبيين خصوصا في ظل المستوى المهزوز الذي تظهر به كل من الأرجنتين والبرازيل والأوروغواي، وهي الدول التي خطفت اللقب لقارتها منذ بداية المونديال.

وحطّم مونديال روسيا 2018 العديد من الأرقام القياسية، كما شهد مفاجآت صادمة جعلت منه عرسا كرويا متكاملا أو كما وصفه رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو “المونديال الأفضل في التاريخ” من حيث التنظيم. فبعد مسيرة ثابتة، استطاع المنتخب الفرنسي تحقيق لقبه الثاني بعد الانتصار على كرواتيا بنتيجة 4-2 في المباراة النهائية بموسكو.

 

مفاجآت

شهد المونديال الروسي عديد المفاجآت الصادمة، أبرزها خروج حامل اللقب منتخب ألمانيا من الدور الأول بعد تعرضه لهزيمتين أمام المكسيك وكوريا الجنوبية. وجاءت المفاجأة الثانية بهزيمة منتخب الأرجنتين “المذلة” أمام كرواتيا بنتيجة 0-3 بدور المجموعات، قبل أن تتأهل بصعوبة لدور الـ 16، ثم تقصى على يد فرنسا بنتيجة 3-4، أما “الماتادور الإسباني” فخرج بطريقة مفاجئة أمام المستضيف روسيا بدور الـ 16 بركلات الترجيح، لتنهي مسيرته المتواضعة في المونديال مبكرا. في المقابل قدم منتخب بلجيكا وجها مشرفا وأقصى البرازيل من ربع النهائي بنتيجة 2-1، واكتفى بالمركز الثالث. أما كرواتيا كانت المفاجأة الأكبر في البطولة، حيث تأهلت للنهائي للمرة الأولى في تاريخها، وهزمت في طريقها لموسكو الأرجنتين والدانمارك وروسيا وإنجلترا.

 

أرقام

شهد مونديال روسيا تسجيل 169 هدفا، ليصبح ثالث أكثر مونديال من ناحية الأهداف، بعد مونديالي 1998 و2014. وشهدت البطولة رقما قياسيا بعدد الأهداف المسجلة في الدقائق الأخيرة، بعد انتهاء الوقت الأصلي من المباراة. “نهاية درامية” شهدتها 21 مباراة في المونديال، وهو رقم أعلى من النسخ الثلاث الأخيرة مجتمعة. وساهمت تقنية الفيديو الجديدة باحتساب عدد قياسي من ركلات الجزاء، وصل إلى 29 ضربة جزاء.

 

مودريتش الرائع

مونديال روسيا 2018 كشف الستار عن أفضل اللاعبين في العالم، حيث نال جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في المونديال الكرواتي لوكا مودريتش، فيما ذهبت الكرة الفضية للبلجيكي إيدن هازارد والكرة البرونزية للفرنسي أنطوان غريزمان. كما أحرز الإنجليزي هاري كين “الحذاء الذهبي” بعدما أصبح هداف البطولة برصيد 6 أهداف وجاء بعده الفرنسيان أنطوان غريزمان وكيليان مبابي والروسي دينيس شيريشيف والبلجيكي روميلو لوكاكو برصيد 4 أهداف لكل منهم. أما جائزة “أفضل لاعب شاب” فقد نالها الفرنسي كيليان مبابي (19 عاما)، بعد تألقه في المونديال وتسجيله 4 أهداف. وأحرز البلجيكي تيبو كورتوا جائزة “القفاز الذهبي” لأفضل حارس مرمى في البطولة. كما منح الفيفا جائزة اللعب النظيف للمنتخب الإسباني. أما المدرب ديدييه ديشامب فقد دخل التاريخ من أوسع أبوابه بعد قيادته المنتخب الفرنسي للقب مونديال 2018 في روسيا ودخل نادي الأساطير الذين استطاعوا رفع الكأس كلاعبين ومدربين.

 

“فشل” عربي

أصيبت الجماهير العربية بخيبة أمل شديدة، بعد الفرحة الكبيرة التي عمّت الوطن العربي من المحيط إلى الخليج بتأهل 4 منتخبات عربية: مصر، تونس، المغرب، والسعودية، لأول مرة في تاريخ نهائيات كأس العالم.

وكانت القرعة المونديالية قد أوقعت منتخبي مصر والسعودية في المجموعة الأولى “السهلة نسبياً” بحسب مراقبين؛ لكن نتائجهما لم تكن على مستوى التطلعات، ليغادرا البطولة بعد الجولة الثانية من الدور الأول.

ومُنيت السعودية بهزيمة كارثية أمام الروس في افتتاح المونديال بخماسية بيضاء، قبل أن تسقط أمام رفاق “العضاض” الأوروغوياني لويس سواريز.

وحقق منتخب السعودية فوزاً “شرفياً” على شقيقه المصري، الذي انحنى في الجولتين الأولى والثانية أمام الأوروغواي وروسيا، ليحزما حقائبهما مبكراً.

وشكّل خروج “الفراعنة” صدمة للجماهير العربية، بعد العودة إلى المونديال لأول مرة منذ 28 عاماً، وتحديداً منذ نسخة 1990 التي أقيمت بإيطاليا، خاصة في ظل الآمال الكبيرة التي كانت معلَّقة على النجم محمد صلاح، الذي قدّم مستوى مذهلاً مع فريقه ليفربول الإنجليزي.

ولم يكن حال منتخب تونس، الذي شارك لأول مرة في المونديال منذ نسخة 2006 بألمانيا، أفضل حالاً من السعودية ومصر؛ إذ خسر في بداية المشوار أمام إنجلترا (1-2)، قبل أن يتلقى هزيمة “مذلة” أمام بلجيكا (2-5)، ضمن لقاءات المجموعة السابعة.

وفي الجولة الأخيرة، اكتفى “نسور قرطاج”، بقيادة المدرب الوطني نبيل معلول، بتحقيق ثاني فوز في نهائيات كأس العالم بعد انتظار دامَ 40 عاماً، بعد الفوز على منتخب بنما “المتواضع” بنتيجة (2-1).

ولحق المغرب، الذي خاض النهائيات العالمية لأول مرة منذ نسخة 1998 في فرنسا، بالمنتخبات العربية الثلاثة في الخروج مبكراً، لكنه كان “استثنائياً” بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بعد المستوى الكبير الذي قدمه في المجموعة الثانية “الحديدية”، التي ضمت منتخبات إسبانيا والبرتغال وإيران.

ولم يستحق “أسود الأطلس” الخسارة أمام إيران والبرتغال بنتيجة واحدة (1-0)، بعدما فرض رفاق القائد المهدي بن عطية سيطرة على المباراتين دون فاعلية هجومية.

وفي مباراة الجولة الثالثة، كان المغاربة قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الفوز على الإسبان، لكنهم اكتفوا بالتعادل الإيجابي بهدفين لمثلهما مع صافرة النهاية، ليغادروا المحفل المونديالي “مرفوعي الرأس”، وبأداء حظِيَ بإعجاب الجماهير العربية.

 

هيمنة مغاربية

وفي القارة السمراء، قدّم الترجي الرياضي التونسي مباراة للتاريخ أمام الأهلي المصري، في إياب نهائي دوري أبطال إفريقيا، ليتوَّج بلقبه القاري الثالث بعد عامي 1994 و2011.

وكان فريق “باب سويقة” قد خسر أمام العملاق القاهري بنتيجة (1-3) في لقاء الذهاب الذي أقيم على استاد “برج العرب” بالإسكندرية، قبل أن يحقق “ريمونتادا تاريخية” في موقعة الإياب التي احتضنها الملعب الأولمبي في رادس، ليفوز بثلاثية نظيفة.

بالجهة المقابلة، فشل فريق “القلعة الحمراء” في القبض على الكأس القارية للسنة الثانية توالياً، بعد نسخة 2017 التي نالها الوداد البيضاوي المغربي.

وبذلك، توقفت ألقاب الأهلي المصري عند الرقم “8”، التي حصدها أعوام 1982 و1987 و2001 و2005 و2006 و2008 و2012 و2013، لكنه استمر بالوقت ذاته في التربع على عرش الأندية الأكثر تتويجاً بلقب دوري الأبطال، بفارق مريح عن أقرب منافسيه.

أما البطولة الثانية؛ كأس الاتحاد الإفريقي، فقد تُوّج الرجاء البيضاوي المغربي بلقبها، للمرة الثانية في تاريخه بعد عام 2003، وذلك على حساب “فيتا كلوب” الكونغولي.

وحقق الفريق المغربي فوزاً كبيراً في ذهاب الدور النهائي على أرضه ووسط جماهيره بثلاثية نظيفة، ليخوض مباراة الإياب بأريحية، ليخسر بهدف مقابل ثلاثة. لكن تلك الهزيمة لم تمنعه من الصعود إلى منصات التتويج بعد 15 عاماً من الغياب.