تحفل السينما الجزائرية بالعديد من التجارب الهامة، سواء على مستوى الإخراج أو التمثيل أو الكتابة، ورغم أهمية الكثير من الأفلام الجزائرية التي نالت شهرة عالمية، فإن الصناعة السينمائية في الجزائر ما زالت قاصرة على تحقيق حركية حقيقية، تحرر قطاع السينما والعاملين فيه. “العرب” كان لها هذا الحوار مع الممثل الجزائري حسان كشاش، حول مختلف التفاصيل في مسيرته ومساره الفني، وحول رؤيته لواقع السينما في بلاده.
كانت بدايته مع فيلم _كانت الحرب_ المنتج عام 1993، تحت إشراف المخرج أحمد راشدي، ثم ظهر في فيلم _العرش_ للمخرج محمد شويخ، ففتحت أمامه أبواب التألق ويستوطن بذلك عالم السينما والدراما الجزائرية والعربية، خاصة في مسلسل _الخاوة_، وفيلم _مصطفى بن بولعيد_ الذي توجه أحسن ممثل في المهرجان الدولي للسينما العربية بوهران سنة 2009.
وهناك سر لافت في حياة الفنان حسان كشاش وتحوله من وظيفة الطب والإعلام إلى التمثيل، رغم أن هناك من الفنانين من يتوجه إلى مهن أكثر استقرارا وأريحية. عن ذلك يعلق قائلا: _هي مسألة خيارات، ولست هنا من باب الدخول بمدخل فلسفي، ولكن أعتقد أن ذلك كان وفق مقولة _إن لم تشأ أن تتعب يوما ما فاعمل شيئا تحبه_، ومن هذا الباب أرى أن علاقة الإنسان بما يمارسه من نشاط إذا كانت مبنية على الحب وعلى الشغف، فإن الطريق أمامه مفتوح ليتقدم بشكل مطرد، وأنا أحب السينما”.
ولأن المخرج أحمد راشدي، أو عراب السينما الثورية في الجزائر، هو مصدر إلهامه الأول، يرد على سؤال لـ _العرب_ في هذا السياق بالقول _أحمد راشدي تجربة متميزة، هو من أعمدة السينما الجزائرية وينتمي إلى جيل مخضرم عاش الجهاد والثورة وعاش الاستقلال، وكان من الجيل الأول الذي تكوّن في السينما، وبالتأكيد في بداية بناء الإنسان تكون الخيارات المتاحة أمامه كبيرة، فأن تختار السينما يعني أن هناك حبا لها بالداخل”.
ويضيف “أحمد راشدي، على المستوى الإنساني، متواضع، طيب، لصيق بالوطن والمجتمع، واضح الانتماء، كريم يقتسم ما لديه مع الآخرين، وأيضا هو مثقف وقارئ ومطلع وأدار مؤسسات سينمائية منذ الاستقلال. أما على المستوى الفني بالتأكيد بدأت السينما مع الأستاذ راشدي، فتلقفت ألف باء السينما من عنده ومن خلال عملي معه، وهناك أمور تحصل لك في البداية وتبقى بذاكرتك دائما. أحكي لك مثلا: كنا في الفيلم الأول ونحن نصور مشاهد الحرب، قال لي هذا سلاحك الخاص. ألست جامعيا، هذا هو قلمك الخاص، ولا يجب أن يبتعد عنك أبدا. العسكري لا يترك سلاحه وتلك الملاحظة بقيت عندي في كل الأفلام التي صورتها، أي تقمص الشخصية الحقيقي”.
ردا على سؤال حول غياب صناعة النجم في الجزائر رغم وجود أسماء لامعة في السينما والدراما بشكل عام، يقول كشاش _أولا يجب أن تكون هناك صناعة سينما. عندنا إنتاجات، ولكن هل نمتلك أرضية ومنتجين خواصا يستثمرون برأسمالهم؟ هنا تصبح المعادلة بين المنتج الذي يستثمر المليارات، والتوجه لصناعة النجم، الأمر شبيه بفريق كرة القدم الذي يأتي باللاعب المتميز فتدخل العملية ببعدها الاقتصادي، إذن يجب أن نمضي كل مرحلة في الفترة الخاصة بها، ففي البدء يتوجب بناء صناعة سينمائية وصناعة دراما تلفزيونية، لتأتي صناعة النجوم كتحصيل حاصل. الإمكانيات موجودة ولكن يجب أن نشرع في مقاربة عقلانية للمسألة”.
ويلفت إلى أنه _إلى حد الآن الدولة تنتج كل الأفلام السينمائية والدراما التلفزيونية بممولين خواص، والكمية مستمرة ومرشحة لأن تتطور أكثر، بحكم عدد القنوات المنتشرة التي تهتم بالإنتاج الدرامي والسيتكوم والتوك شو، وغيرها. والدراما قادرة على أن تتقدم أكثر وتتوسع بقدر ما يكون هناك تمويل أكثر، وهذا مرتبط بعملية انتعاش اقتصادي والعودة إلى النشاط الطبيعي الذي كان ما قبل كورونا، وهو ما سينعكس على الكل، وبعدها نصل إلى سؤال كيف يمكن أن نفتح مجالا للسينما الخاصة والفيلم التجاري؟”.
ب/ص