حرمة التجسس وتتبع العورات

 حرمة التجسس وتتبع العورات

 

للتجسس المذموم آثار قبيحة ونتائج سيئة على الفرد والأسر والمجتمعات والدول. لذا نهى الله تبارك وتعالى عنه عباده المؤمنين في آية محكمة وصريحة تدل على تحريمه، فقال سبحانه ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ” الحجرات: 12. قال ابن جرير في تفسيره لهذه الآية: “قوله ” وَلَا تَجَسَّسُوا ” يقول: ولا يتتبع بعضكم عورة بعض، ولا يبحث عن سرائره، يبتغي بذلك الظهور على عيوبه، ولكن اقنعوا بما ظهر لكم من أمره وبه فاحمدوا أو ذموا، لا على ما لا تعلمونه من سرائره”.. ثم ذكرَ أثرَ ابن عباس رضي الله عنه في ذلك إذ يقول: “نهى الله المؤمن من أن يتتبع عورات المؤمن”.

كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شدد في النهي عن التجسس والتحذير منه، وبيّن أنه مُفسِدٌ للأخوّة، وسبب في تقطيع الأواصر والصلات بين المؤمنين. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً”. رواه البخاري. إن التجسس صورة من صور ضعف الإيمان وضعف التدين وقلة المراقبة، وهو من الجانب الأخلاقي والسلوكي يدل على دناءة النفس وخستها، وضعف همتها، وانشغالها بالتافه من الأمور عن معاليها وغاياتها. قال أبو حاتم رحمه الله “التجسس من شعب النفاق، كما أن حسن الظن من شعب الإيمان”. والمجتمع الذي يريد منا الإسلام أن نكون عليه وأن نرقى إلى مستواه؛ مجتمع قد سما بنفسه عن سفاسف الأمور، وعن كل ما يوجب الضغينة، ويورث العداوة، ويوقد نار البغضاء والشحناء، مجتمع يبحث عن مواقع الإيجابيات فيما يعود على نسيجه بالترابط والتآزر والثقة، لذا توعّد الله تعالى من يفرح وتسرّ نفسه بظهور عورات المسلمين بالعذاب الأليم، فقال سبحانه: ” إنَّ الذِينَ يُحِبّونَ أن تشِيعَ الفاحِشة فِي الذِينَ آمَنوا لهُمْ عَذابٌ أليمٌ في الدنيا والآخرة “.