يشهد العالم في هذا العام انتخابات رئاسية أو تشريعية في أكثر من 70 دولة، أبرزها في الولايات المتحدة وبريطانيا. وإن كانت الانتخابات بمفهومها العام تأكيداً على الديمقراطية، وما يتبعها من حرية تعبير، فإن السياق الحالي للعدوان الصهيوني على قطاع غزة والحروب الثقافية التي عرفها الغرب منذ بدء العدوان يطرح أسئلة كثيرة مرتبطة بحرية التعبير، خصوصاً في مجالات الفنون، التي تأثرت مباشرة بالعدوان.
ففي نوفمبر الماضي على سبيل المثال، أعلن الفنان الصيني المعاصر آي ويوي عن إلغاء معرضه الجديد في لندن بعد نشر تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد العدوان الصهيوني على غزة.
من جهته، حدّث مجلس الفنون في إنجلترا (ACE) أخيراً سياساته، محذرًا أولئك المرتبطين بالمنظمات الفنية التي يمولها من أن “النشاط الذي يمكن اعتباره سياسيًا بشكل علني – حتى لو أقيم بصفة شخصية – يمكن أن يؤدي إلى الإضرار بسمعة المجلس”. وسريعاً، اعترض عشرات الفنانين على هذا التحديث، ما دفع ACE إلى إصدار بيان يزعم أنه “لا يعني بأي حال من الأحوال الحد من التعبير الفني”.
عالم الفنون البصرية متنوع للغاية بفنانيه وأفكاره، وحتى مراكز وقاعات عرضه لكن يبدو أن الوضع الحالي في العالم، بعد الانقسام الذي أحدثته حرب الإبادة في غزة وأمام وحشية المشاهد التي يراها العالم منذ 7 أكتوبر الماضي، جعل المؤسسات الفنية تتخوف من عرض أعمال لفنانين يتعاملون بشكل مباشر مع هذا الواقع الفلسطيني، أو أي واقع سياسي آخر قد يساهم ضد وتيرة الحروب الثقافية، التي بات إخفاؤها مستحيلا.
وأربكت حرب الإبادة في غزة عالم الفنون والأوساط الثقافية خصوصاً في الغرب، فألغيت عشرات المعارض، وأزيلت لوحات، وانتهت التعاقدات مع فنانين، كلها بسبب التضامن مع الفلسطينيين في وجه آلة الموت الصهيونية. مثلاً، أزال معهد الفن المعاصر (ICA)، في ميامي، لوحة تصوّر المفكر الفلسطيني ــ الأمريكي إدوارد سعيد قبل حفل جمع تبرعات أقيم مطلع هذا الشهر، ثمّ أعادها لاحقاً، ما أثار علامات استفهام عدة حول أسباب هذه الخطوة في سياق حرب الإبادة الصهيونية المتواصلة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي.
اللوحة التي تظهر سعيد هي جزء من سلسلة لوحات للرسام تشارلز غينز، رسمها عام 2018، وتتضمن 12 بورتريه ضمن سلسلة تاريخ الفكر الثوري.
كذلك واجه متحف آندي وارهول في بيتسبرغ (بنسلفانيا) انتقادات، بعدما عرض نصاً على أحد جدرانه، ذكر فيه أن السابع من أكتوبر الماضي شكّل “بداية الصراع في الشرق الأوسط”، في تجاهل تام لأكثر من 75 عاماً من الاستعمار والمجازر والاحتلال الصهيوني لفلسطين.
ق\ث