حديقة الحامة ..من أروع ما صور الخالق ونحتته يد الإنسان

elmaouid

حديقة التجارب العلمية الحامة، أو اختصارا حديقة الحامة، الموجودة في قلب العاصمة الجزائرية، هي متحف فعلي وعملي للطبيعة الغناء، إذ تضم 2500 نوع من النباتات ويبلغ عمر أشجارها مئات السنين، إضافة لأكثر من 25 نوعا من أشجار النخيل، فضلا على حديقة على الطراز الفرنسي الكلاسيكي وأخرى بالطابع البريطاني.

 الأولى إفريقيا والثالثة عالميا

وتعتبر حديقة الحامة من أجمل وأروع الحدائق في العالم، حيث صنفت في المركز الأول إفريقيا والثالث عالميا من حيث شساعتها وقدرة سعتها للأشجار والنباتات النادرة التي أحاطت بها فأعطتها طابعا جماليا خاصا، كما يعتبر موقعها في قلب العاصمة ميزة جعلتها تستقطب الزوار من كل مكان في الوطن وتتحول قبلة للعائلات في الأعياد وعطل نهاية الأسبوع.

 

 

فرنسية النشأة وجزائرية المناخ

ونشأت الحديقة، الفريدة من نوعها في الجزائر، في عام 1830، على يدي المهندس المعماري الفرنسي رينييه الذي أعد تصميماتها، وتم ذلك بعد عامين من احتلال فرنسا الجزائر. وتضم حاليا أكثر من 3 آلاف نوع نبات ومئات أنواع الحيوان والسمك والحشرات وتتجاوز مساحتها 32 هكتارا. ومنذ تأسيسها كانت أرضا للتجارب العلمية أجراها باحثون فرنسيون، حيث أحضروا عددا كبيرا ومتنوعا من النباتات من مستعمرات إفريقيا آنذاك، لزراعتها فوق أرض الحديقة للتكيف مع مناخ البحر الأبيض المتوسط الذي تبعد عنه الحديقة بحوالي 200 متر فقط. وخلال فترة الاحتلال نقلت الإدارة الاستعمارية أصنافا كثيرة من النباتات إلى فرنسا.

 

ويقول عيسى جودي وهو أستاذ بـ”المعهد الوطني للفلاحة”، إن الحديقة التي تستمد اسمها من حي الحامة ببلكور، هي ثالث حديقة في العالم من حيث النباتات النادرة ولا يوجد ـ بحسب رأيه ـ نظير لها إلا ببريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، ووصفها بـ”الجنة الخضراء وسط مدينة الجزائر”.. ومن أهم ميزاتها اعتدال مناخها، فدرجة الحرارة لا تصل 15 درجة في عز الشتاء إلا نادرا، عندما تكون 5 درجات في الأحياء المجاورة. وفي فصل الصيف لا تتجاوز 25 درجة عندما تكون 35 خارج الحديقة، لهذه الأسباب فهي مصدر إقبال عدد كبير من سكان العاصمة خاصة في شهر أوت.

وأسهمت هذه الميزة المناخية في تنوع النباتات والأشجار، ودفعت بالقائمين على الحديقة إلى إنشاء مربعات لزراعة الأزهار التجريبية والمشاتل وبيوت البلاستيك والحصى المكسيكية. وفي الحديقة يوجد فضاء للزراعة المخبرية، يقصده الباحثون وطلبة معهد الزراعة. وأفرزت عملية إعادة تهيئة الفضاء، هياكل جديدة أهمها مدرسة لتكوين البستانيين ومنشآت قاعدية أخرى.

ويقول مدير الحديقة، عبد الرزاق زرياط إن “هذه الحديقة تشكل متحفا حقيقيا للطبيعة، إذ تحوي أشجارا يفوق عمرها 150 سنة ونبتات نادرة وفريدة أتت من مختلف أرجاء العالم”.

 

 

أكثر من 2000 زائر يقصدون الحديقة يوميا

وبالنظر للأهمية التي تكتسيها هذه الحديقة، من حيث المساحة والجمال الذي سحر العقول والألباب، يقوم الزوار ومن مختلف مناطق الوطن بزيارات متكررة لها، إذ تسجل الجهات المسيّرة لحديقة الحامة  توافدا كبيرا للزوار يفوق في ساعات الذروة 2000 زائر يوميا من عائلات وأشخاص من مختلف الأعمار، بحسب ما أشارت إليه مصلحة الإعلام والاتصال بمديرية الحديقة، وهو رقم هام مقارنة بشساعة المكان وتربعه على جهات وأجنحة مترامية الأطراف.

وتشير  المصالح ذاتها إلى أن العدد مرشّح للارتفاع في إطار موسم الاصطياف بالنظر إلى مجانية التجول والاستمتاع بما يوفّره المكان، ما عدا حقوق الدخول التي تبقى رمزية؛ 50 دينارا للشخص.

 

أشجار ونباتات نادرة يفوق عمرها 150 سنة

يجد الزائر  نفسه مندهشا أمام حجم الأشجار وأعمارها، وحتى أعدادها  حيث تحوز الحديقة على حوالي 2500 نوع، بالنظر إلى أشكالها وأنواعها وأصنافها النادرة، علما أن معظمها أشجار قادمة من خارج الوطن؛ من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، ويعود عمرها -بحسب توضيحات بعض الأعوان المكلّفين بعنايتها وحمايتها- إلى أكثر من 150 سنة، خاصة فيما يتعلق بالأشجار الفرنسية الكلاسيكية والبريطانية، على غرار الكافور والكزبرة، إلى جانب بعض النباتات التي يفوق طولها 30 مترا كالخيزران، وأشجار نخيل من نوع البلميط، وأشجار البيلسان العريقة التي قد ترتفع 30 مترا، إضافة إلى نبتة الكافور وشجر البامبو، فضلا على شجرة الجنكة (شجرة الكزبرة أو عشبة الذكاء) وهي أحد أنواع الأشجار التي تتحمل التقلبات المناخية القاسية قرونا عدة.

وغيرها من النباتات التي أذهلت الزوار وسلبت عقولهم.

 

130 عون لرعاية الحديقة

جند القائمون على الحديقة أكثر من 130 عون للسهر على رعاية وحماية هذه الأشجار من التخريب والحرائق وحتى من الأمراض التي قد تصيبها، إلى جانب رجال الشرطة الذين يحمون المكان من أي طارئ قد يحدث. كما تقوم هذه المدرسة بتكوين وتأهيل أعوان متخصصين في زراعة الأشجار والعناية بها ورعاية الحدائق، تحسبا لإعادة تأهيلها من خلال التشجيع على غرس نباتات وأشجار محليّة بهدف المساهمة الفعالة في إثراء التنوّع البيئي والبيولوجي في مثل هذه الأماكن الخضراء.

 

 

” طرزان ” من الحامة إلى الشهرة  العالمية

تم تصوير الفيلم العالمي الشهير ” طرزان ” لأول مرة عام  1938 في حديقة الجزائر العاصمة ونال الفيلم إعجاب ملايين المشاهدين وحصد شهرة فاقت الحدود وأشاد العديد من صناع السينما بروعة مكان التصوير.