في شهر رمضان كان الفتحُ الأكبر “فتح مكة”، وكان ذلك في الحادي والعشرين من رمضان في السَّنة الثامنة من الهجرة، وكان هذا الفتح ثمرةَ جهادٍ طويل بالسيف واللسان لسنوات طويلة، قد تحلَّى فيها المؤمنون الصادقون بالصبر واليقين. ولا يتَّسع المقام هنا لتفصيل هذا الحَدَث العظيم، لكن ينبغي على كلِّ صائم وصائمة أن يرجع إلى كتبِ السُّنة والسِّيَر؛ ليقرأَ تاريخ فتح مكة، وما وَقَع فيه من مواقف؛ لينتفع بذلك انتفاعًا عظميًا يعجز القلمُ عن وصفه، واللِّسان عن بيانه.
وفي شهر رمضان من السنة الثامنة للهجرة تحطَّمت بعدَ فتح مكة رموزُ الشِّرْك، وتهاوت الأصنام التي عبدَها الناس من دون الله دهورًا طويلة، فقد بعث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم خالد بن الوليد؛ ليهدمَ إلهَ المشركين الأكبر “العُزَّى”، فهدمها، وبعث عمرَو بن العاص فهدَم “اللاَّت”، وبعثَ سعد بن زيد الأشهلي فهدَم “مناة”، وكان ذلك إعلانًا صريحًا بأنَّ القلوب يجب عليها أن تتعلَّق بالله، ولا تلتفتْ إلى أحد سواه من الأحياء أو الأموات، أو الأصنام أو الأضرحة، وهذا هو التوحيد الذي جاء به رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم.