ومِن الأحداث التي وقعتْ في رمضان “غزوة بدر الكبرى”، وذلك في السابع عشر من رمضان في السَّنة الثانية من الهجرة، وكان في هذه الغزوة المباركة أوَّل انتصار حاسِم للإسلام على الكفر، وقد ظَهَر فيها بوضوح مددُ الله وتوفيقه لأوليائه الذين صَدَقوا ما عاهدوا الله عليه؛ كما قال الله عز وجل “فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى” الأنفال: 17. ولَمَّا أخذ المؤمنون بأسباب النصر مِن صِدق الإيمان، وحُسنِ التوكُّل على الله، واليقين في وعده “إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ” محمد: 7، والإخلاص، وسلامة القلْب، وإعداد العدَّة، والصبر عندَ اللِّقاء. وفي ذلك يقول الله عز وجل “إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلاَئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ ءَامَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ” الأنفال: 12. ولن ينتصرَ المسلمون على أعدائهم إلاَّ إذا انتصروا على أنفسهم وكبحوا جماحَها، وشهر رمضان هو خيرُ معين بعدَ الله للانتصار على النفس الذي هو طريقُ النصر على الأعداء؛ ولذلك سمَّى بعضُ العلماء جهادَ النفس “الجهاد الأكبر”؛ تنبيهًا على هذا المعنى الجليل.